قبل أيام كنا مجموعة من الصديقات ضمنا لقاء حميم في منزل الصديقة العزيزة الدكتورة هدى العميل، وكانت بيننا صديقة عائدة للتو من الكويت، ما زالت واقعة تحت تأثير ندوة غازي القصيبي رحمه الله التي أقامتها مؤسسة البابطين ضمن نشاطها السنوي، فأحضرت معها كتابا صادرا حديثا عن شعر القصيبي، واختارت منه قصيدة جميلة بعنوان (حديقة الغروب) راحت تتلوها علينا بصوتها الشجي فشدت إليها الأسماع. القصيدة لمن لا يعرفها نظمها الشاعر في ذكرى ميلاده الخامس والستين، وكان يخاطب فيها ثلاثا من المقربين إلى قلبه زوجته ووطنه وإحدى المعجبات به، ثم ختمها بالتضرع إلى الله أن يغفر له ما أسرف فيه من الذنوب. وهي قصيدة بديعة فيها تصوير مؤثر للمشاعر الإنسانية في لحظات الضعف والأسى. ولكن لم يكن هذا سر انجذاب الجماعة لها، ولم يكن هو سبب شد أسماعهن إليها، فما كان أحد منا معنيا بأمر رثاء الذات الذي بدا مغلفا القصيدة ولا بالشفافية الطاغية التي أوحت إلى الشاعر باقتراب رحيله. ما أثار الجماعة وشدها هو ما تبدى في القصيدة من حب طاغ للزوجة واعتراف صريح بما أعطت من الحب!! هذه العلاقة المتينة التي ما زالت تربط بين الشاعر وزوجته بعد أن عاشا معا تلك السنين الطويلة هي ما أثار انتباه الجماعة!! يقول: أيا رفيقة دربي، لو لدي سوى ،، عمري لقلت: فدى عينيك أعماري أحببتني وشبابي في فتوته ،، وما تغيرت! والأوجاع سماري منحتني من كنوز الحب أنفسها ،، وكنت لولا نداك، الجائع العاري إن ساءلوك فقولي: كان يعشقني ،، بكل ما فيه من عنف، وإصرار وكان يأوي إلى قلبي، ويسكنه ،، وكان يحمل في أضلاعه داري. وهنا توقفت الصديقة عن التلاوة للتعليق على ما قرأت مستغربة، كيف يستكثر الشاعر على زوجته أن تبقى على حبها له لم تتغير حتى بعد أن تجاوز الشباب وأصابته الأمراض، قالت: «طبعا ستستمر على حبها، فهل بعد مرور السنين الطويلة يمكن لها أن تتغير، حتى وإن كبر فهي أيضا كبرت مثله». لكن هذا التعليق فجر العاصفة فتعالت الأصوات تتسابق لتؤكد أنه ليس دائما يكون مرور السنين وحده كافيا لبقاء الحب، فالحب ما لم يجد ما يرويه ويغذيه سرعان ما يعتريه الذبول، فتتحول القلوب الدافئة إلى نسيج من الجليد. أن تبقى العلاقة بين الزوجين على مر السنين قوية دافئة تفيض بكل هذا العشق، هي صورة من الصور النادرة وليست من الصور المعتادة المسلم بها!! انتقل الحوار إلى التساؤل عن الأسباب؟ ما الذي يحفظ الحياة للحب؟ قالت إحدى الحاضرات ما يحفظ الحب حيا هو الاستمرار في تقديم الحب، فهذا الشاعر مثلا ما زال يقول لزوجته (فدى عينيك أعماري)، وما زال يقول لها (إنه يعشقها بعنف) فهل بعد هذا يمكن أن تنطفئ جذوة الحب في قلبها؟ الحب لا ثمن له إلا الحب، والحب لا يقايض إلا بالحب، ومن يطلب الحب، عليه أن يعطي الحب، وهذا الزوج استمر في تقديم الحب، فاستحق أن يستمر في الحصول عليه. ص. ب 86621 الرياض 11622 فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة