نعم أغبياء، ولكن ليس في دروسهم، بل في جانب آخر مهم في حياتنا، أغبياء جدا اجتماعيا، لن أقول كلهم، بل معظمهم، خوفنا على أولادنا حولهم إلى مخلوقات تأكل وتنام وتسهر وتمشط الشوارع دون أي إحساس بالمسؤولية، عاطفتنا غير المتعقلة جعلتنا نتحمل كل شيء عنهم، وأبعدنا عنهم كل مشقات الحياة دون أن نحسب أي حساب للمستقبل ومتاعبه. للأسف، نتفاجأ عندما يكبر أولادنا أنهم ينكسرون عند أول اختبارات لتحمل المسؤولية، والمشكلة تكبر عندما يتحول أحدهم إلى زوج مسؤول عن أسرة، سريعا ما يعود إلى حضن أمه أو أبيه باكيا شاكيا: «ماذا أفعل، وكيف أدير أسرتي وحياتي، لم أعتمد على نفسي من قبل». نعم.. العاطفة، خصوصا من قبل الأمهات تدفعهن إلى أن يكبر أبناؤهن في أحضانهن حتى الجامعة، قد تحرم الأم ابنها من السفر للدراسة في أي مكان كي يبقى تحت ناظريها، بل إنني أعرف أمهات فضلن بطالة أبنائهن على أن يسافروا للدراسة، وبكين بحرقة عندما عاد أترابهم بالشهادات الأكاديمية والحياتية. قالها الدكتور منصور العسكر الأستاذ المشارك في قسم علم الاجتماع التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، في لقاء مع قناة «العربية»، متكئا على أبحاث أخيرة، قال إن عدم تحمل المسؤولية سبب رئيس في انتشار الطلاق، في حين رصدت 25 ألف حالة طلاق العام الماضي فقط. تذكرت قصة صديق أبلغني أنه كان يجلس مع رجل مقتدر اتصل به ابنه باكيا، ليبلغه أن المسؤول عن المدرسة التي أرسله ليقضي الصيف فيها طلب منه أن يغسل الممرات، فرد الأب بأنه سيتصل بالمدير ليطلب منه أن يكلفه بغسل الحمامات أعزكم الله في المرة المقبلة. استغرب صديقي ردة فعل رجل أعطاه الله سعة في الرزق، فرد: «يا أخي لا يعلم الغيب إلا الله، ولكن تخيل كل هذا المال ذهب، أو مررنا بأي ظرف لا سمح الله، أتمنى أن يعيش أولادي أقوياء يعتمدون على أنفسهم، ويواجهون تحديات الحياة بإرادة وصبر وتكيف مع أي وضع». أكتب هذه السطور ويدي ما زالت مبللة، نعم مبللة بالماء والصابون، كنت قبل قليل أغسل ملابسي في مجمع لغسيل الملابس وسط المدينة التي أدرس فيها في الولاياتالمتحدةالأمريكية، لم أتحدث عن هذا من قبل، ولكن وددت أن أكون أكثر صدقية وقربا، المهم في الأمر أن الذي كان بجواري شاب سعودي متذمر، أو بمعنى أكثر دقة «قرفان»، وحسب تعبيره «بيسحب على البعثة»، بينما زميله الأردني يبكي يتمنى أن توافق خالته التي يقيم عندها منذ ثلاثة أشهر على أن يجلس شهرين؛ كي يحصل على منحة دراسة، وهو الأول على الجامعة في الأردن. جاري السعودي متذمر من كل شيء يبحث عن وجه «الشغالة» التي كانت «تطبخ وتنفخ وتلبسه حتى الجوارب»، والسائق الذي يحمل عنه حقيبة ظهره عندما كان يعود من المدرسة. رجاء حار إلى آبائنا وأمهاتنا.. حملوهم المسؤولية مبكرا، أقحموهم في التحديات، اجعلوا الشمس تحرق أجسادهم، ارجعوا إلى قواميس أجدادنا وكيف كانوا يصنعون الرجال مبكرا، خذوا إيجابيات الزمن الماضي واحقنوه في أوردة رجال المستقبل. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 261 مسافة ثم الرسالة