الخير لا يقيد. والتقيد هنا بمعنى أن لا نجعل أوجه الخير محصورة في أعمال بعينها، بل فعل كل ما يؤدي إلى اتساع رقعة العمل الخيري الذي يصب في مصلحة الناس أجمعين من غير تخصيص، ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم (في كل كبد رطب صدقة). وللأسف تم محاصرة أفعال الخير بنهج سلوك اجتماعي قصر تلك الأفعال في مناشط محددة، ومضى زمن تعطلت فيه قدرات الناس وانحصرت في أمور بعينها، ولأن المجتمع دخل في المكاشفة وعبرته كوارث طبيعية، (في جدة مثلا) وجدنا أنفسنا نحيي أعمال بر كثيرة، فقد كنا نشتكي من غياب مفهوم الأعمال التطوعية، وهي تلك الأعمال التي ينذر الفرد منا نفسه وماله ووقته من أجل فعل يعم خيره على الجميع. كنا نشتكي من هذا الغياب، مكتفين بأن الأعمال التطوعية مقتصرة على الإنفاق المالي، وأن الإنفاق المالي بحوزة أفراد يمتلكون هذا المال، ولأننا لا نملك المال فليس علينا عمل أي شيء. ولا أعرف كيف ترسخ هذا المفهوم في مجتمعنا ولسنوات طويلة بالرغم من أننا نتلقى الدروس الدينية في المدارس والمساجد والشوارع، وتجد طفلا صغيرا يقول لك إن إماطة الأذى عن الطريق صدقة أو التبسم في وجه أخيك صدقة ومع ذلك نمسك بحبل البعير ونترك (الجمل بما حمل). وعودة الناس إلى إشاعة فعل الخير بالجهد أو الوقت هي عودة المجتمع للتكاتف والترابط والشعور بما يقاسيه الآخرون. وقد أثبت الشباب أنهم روح المجتمع في كثير من الأوقات ببذل وقتهم وجهدهم وهم يذرعون الأسواق حاملين كوبونات للتبرع لمرضى السرطان أو الفشل الكلوي وهي دعوة جديدة أيضا، ففي زمن مضى لم تكن الصورة قد اتسعت للالتفات إلى شرائح اجتماعية مختلفة قصرت بهم الحياة عن بلوغ بعض الاحتياجات الضرورية والمهمة.. فكما ننادي ببناء المساجد وكفالة الأيتام ودعم حفظة كتاب الله علينا أن نوسع الدائرة في إيجاد منافذ عديدة لأعمال البر وهي كثيرة وكلها تصب في جعل المجتمع مجتمعا قويا وصحيا ومتعلما. ودائما أجد في مستشفى الأورام الخيري الذي شيد في مصر نموذجا راقيا لأعمال البر، فهو مستشفى نهض بالتبرعات الخيرية ويقوم بعلاج مرضى السرطان من غير مقابل وقد حقق نجاحات متقدمة لوجود المتبرعين بالمال والوقت والنفس. ولو نهض لدينا مشروع خيري مماثل ووجد الأفراد المؤمنين بمثل هذا المشروع لتم إنقاذ مئات المصابين بهذا المرض الخطير أو على الأقل المساهمة في استقطاب الأعداد الفائضة والتي لا تجد لها مكانا في المستشفيات.. كما يمكن إيجاد مشاريع مختلفة كشراء الأدوية للمحتاجين أو شراء أجهزة غسل لمرضى الكلى أو إيجاد مشاريع لرعاية الدارسين في الجامعات أو المساهمة في التبرعات من أجل الأبحاث العلمية، هذا هو مفهوم الإنفاق الخيري في الإسلام، أي النظر إلى كل الاحتياجات بنفس الأهمية. ولأننا لازلنا نمارس أفعال البر بصور مقصورة على أنشطة بعينها علينا توسيع الدائرة بما يغطي بقية احتياجات أفراد المجتمع، وهذا لا يتأتى إلا من خلال مؤسسات مدنية ينضوي تحت مظلتها جل الشباب التواقين لأعمال الخير ومن ثم الانطلاق إلى تعميق مفاهيم التكافل الاجتماعي التي نادى بها الإسلام.. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة