صاحب المعالي مهمتكم صعبة ولكنها ليست مستحيلة، وجه الصعوبة هو في انتشار الفساد الذي تكثف وتحول من الحالة الجامدة إلى السائلة فالغازية مما يعني إمكانية تحسس مواطنه بحاسة الشم.في الفساد المالي يمكن تحديد معالمه بتقييم الشركات التي ترسى عليها العقود من ناحية الملكية ونسبة تكرار الصفقات في كل جهاز في القطاع العام ونسب تأخير تنفيذ المشاريع ومدى تنفيذ الجزاءات، وكذلك هو الوضع في المشاريع المتعثرة من حيث نسبتها ومدى الإفصاح عنها وعقود الباطن التي تحول المشاريع التي ترسم على الورق بشكل مميز إلى واقع مغاير على الطبيعة، وكذلك هي الحال في عقود الصيانة فهي بحاجة إلى مقارنة واقع تلك العقود بواقع المباني. إن من مهام هيئة مكافحة الفساد تحقيق ضربات استباقية لأوكار الفساد المالي والإداري، فربما تكون رحلة البدء بتقييم مشاريع تصريف السيول في كافة مناطق المملكة وكيف توزعت المنح ومدى تكرار أسمائهم وذويهم، وكذلك الحال للمخططات في بطون الأودية فمن المهم تقييم كيف صدرت تراخيص البناء وأسماء الملاك ومحاولة إصلاح الخلل قبل حدوث كوارث لا قدر الله. في الفساد الإداري، المعادلة أصعب بعض الشيء لوجود هياكل إدارية متقادمة وعدم وجود مستوى صلاحية واضح ولتمركز العمل لدى موظفين بحد ذاتهم في بعض الإدارات خصوصا فيما يعني الأمور المالية وعدم الإفصاح عن تفاصيلها وتعطيل معاملات المواطنين والمقاولين على حد سواء وعدم قياس آثار البيروقراطية على الفساد المالي والإداري للتحقق من ما إذا كانت شكلت حصون الفساد إضافة إلى مدى انتشار صيغة لا مانع على كل ما هو غير نظامي والواسطات، كل ذلك بحاجة إلى تحليل وتجفيف واجتثاث. إن من أهم معالم مكافحة الفساد هو إعداد معايير لقياس العائد على المواطن من تنفيذ المشاريع، فيمكن على سبيل المثال تقييم مخصصات أمانات المدن ومقارنتها باختناقات الطرق داخل المدن وعلى أساسها يتم المحاسبة، فعندما تعمد الأمانات إلى تجميل المدن وضخ مبالغ على مشاريع الصيانة والنظافة دون الاهتمام بما هو جوهري وبما يضر الاقتصاد الوطني والمتمثل في ازدحام الطرق فإن ذلك يحتم إعادة النظر في طريقة تخصيص ميزانية الأمانات، فعقود النظافة بحاجة إلى تشريعات لرفع الوعي بنظافة المدن ومع الأيام ستقل مخصصات البند، وأما الاختناقات فهي بحاجة إلى موارد مالية أعلى لتخفيف معاناة المواطنين وما ينطبق على عائد المواطن من تنفيذ المشاريع ينطبق على مقدار هدر المال العام الناجم عن سوء تخصيص ميزانية القطاع العام، فمخصصات وزارة المالية لكل جهاز في القطاع العام تتم بشكل مستقل وهذا يؤدي إلى ارتفاع تكاليف تنفيذ المشاريع على خزينة الدولة حيث مشاريع البنية التحتية مترابط تنفيذها بأكثر من جهاز في الغالب وبالتالي متى تم تخصيص الميزانية بشكل مترابط قد يساهم في تخفيف ميزانيات المشاريع. ويتطلب كذلك لوقف الهدر إعادة تقييم دقيقة لنظام المنافسات الحكومية فالنظام يأخذ بعين الاعتبار في ترسية العطاءات على المقاول ذي العطاء الأقل مما يعني أن المشاريع التي تنفذ، فإنها تنفذ بجودة منخفضة ويتم تمويل نفقات فارق الجودة بعد التنفيذ من مخصصات الصيانة والترميم مما يعني أن الهدر يترفع منذ انتهاء التنفيذ. إن نقطة التحول الرئيسة التي يمكن أن تحدثها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد تتمثل في توفير خدمات إلكترونية وأرقام هواتف مجانية للتواصل بينها وبين المستفيدين من خدمات القطاع العام وستنجح في تحقيق ضربات نوعية متى شعر المستفيدون بتفاعل الهيئة ومحاسبة سريعة للمقصرين محاسبة ملائمة لمستوى الفساد. على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد أن تعي أن من أهم أسباب تأخر وصول المملكة إلى مصاف دول العالم الأول هو فيروس الفساد الذي يقلل من فرص التوظيف المالي والإداري لموارد الوطن بشكل أمثل، فكما أن الهيئة العامة للاستثمار رسمت هدفا ساميا يتمثل في إيصال المملكة إلى مصاف أكثر عشر دول تنافسية في العالم، نطمح من هيئة مكافحة الفساد إلى تحديد تصنيف مستهدف للتنفيذ على مؤشر مدركات الفساد حيث تصنيفنا في العام 2010م في المرتبة 50 ، نأمل أن نصل إلى واحدة من أقل عشر دول فسادا في العالم خلال عدة سنوات، فمن اختاره خادم الحرمين الشريفين ليتولى مهام تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد قادر على تحقيق المنجزات والمعجزات. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 246 مسافة ثم الرسالة