الأوامر الملكية التي صدرت يوم الجمعة المباركة الماضية الموافق 18 مارس 2011، جسدت بوضوح مدى اهتمام الملك عبدالله بن عبد العزيز، سدد الله خطاه، بالأوضاع المعيشية لأبناء وطنه وشعبه، وتحسين نوعية حياتهم من حين لآخر. وقد تنوعت تلك الأوامر الملكية الكريمة، فعالجت أمورا وقطاعات مختلفة مثل إعانة العاطلين، وتوطين أو سعودة الوظائف، وإسكان المواطنين، وإعانة موظفي الدولة وطلاب الجامعات، ودعم الجهاز الرقابي بوزارة التجارة، ودعم بعض الأجهزة الحكومية المعاونة، وأخيرا وليس آخر إنشاء هيئة جديدة خاصة وهامة وهي هيئة مكافحة الفساد، امتدادا للوثيقة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد التي شارك في دراستها مجلس الشورى قبل بضعة أعوام، إلى آخر القائمة من هذه القرارات المؤثرة. جميع الأوامر الملكية التي أعلنت يوم الجمعة هي على قدر كبير من الأهمية بالنسبة لكافة فئات المواطنين من أبناء وبنات هذا الوطن المقدس. وجميع هذه الأوامر سوف تسهم في تحسين أحوال المواطنين ورفع مستوى معيشتهم هم وعائلاتهم وذويهم، وقد جاءت في وقت أشد ما يكون المواطن حاجة إليها، في وقت نرى الاضطرابات والمشاكل تتنامى من حولنا، ونرى شعوبا في دول عربية أخرى يقتلون في الشوارع وتدمر مدنهم ومنازلهم ومستشفياتهم ومدارسهم فوق رؤوسهم على أيدي نفس هؤلاء الذين وضع الله عز وجل تلك الشعوب أمانة في أعناقهم. ورغم أن جميع تلك الأوامر الملكية سيكون لها أكبر الأثر في حياتنا وتحسين أحوالنا في هذا الوطن المقدس، وعلى مستقبل أجيالنا القادمة وحياة أبنائنا وأبنائهم، إلا أنني أرى في قرار إنشاء هيئة مكافحة الفساد دلالة عظمى على إشراقة شمس مستقبل وطننا، وصلاح أمره وأمر أجياله القادمة. وهذا القرار كنا ننتظره بفارغ الصبر منذ مدة غير قصيرة، وجاء الآن في وقته. مهمة هذه الهيئة الحديثة محاربة ما أسميته سابقا بالقضية الأزلية، قضية الفساد التي ظهرت مع خلق البشرية، وهي مهمة ليست بسيطة أو يسيرة، أو قصيرة الأمد. فالفساد هو مرض خبيث، ينتشر في جسم المجتمعات وينخر فيه إلى أن يقضى عليه. وهذا المرض ( أي الفساد) هو الذي قوض مجتمعات ودولا كثيرة في تاريخ الأمم، ومحاربته تبدأ من الإنسان نفسه، ومن معالجة أطماعه وجشعه وضعف مبادئه التي يعيش بها، وخلقياته. ولا يمكن محاربة هذا المرض بالنصح والتناصح فقط، وإنما لابد من الردع القاطع والعقاب المؤثر، وإعطاء العبرة لمن يعتبر ولمن لا يعتبر. مهمة هيئة مكافحة الفساد إذا لن تكون سهلة، بل شاقة ومتعددة النواصي وطويلة الأمد، وتحتاج إلى صبر في تجميع المعلومات، وحزم في التعامل معها ومقدرة على المتابعة والردع، ودعم من جميع الجهات الرسمية، وخاصة من ولي الأمر حفظه الله. وبالتناسب مع أهمية وخطورة فعاليات هيئة مكافحة الفساد لمستقبل الوطن، جاء اختيار رئيسها، محمد الشريف، محققا تماما لتوقعاتنا لأعمال وفعاليات الهيئة. فمعالي الصديق الأستاذ محمد الشريف كان يعمل وكيلا لوزارة المالية قبل أن يصبح عضوا في مجلس الشورى، وقد زاملته لفترة أربعة أعوام في مجلس الشورى، ووجدته يتميز بدماثة الخلق، وبالدقة والوضوح في القول والعمل، وبفهم تام لمختلف الأنظمة المالية والإدارية. اختيار محمد الشريف لهذه المهمة، هو باعث حقيقي للثقة في أعمال الهيئة الجديدة، بالغة الأهمية لمستقبلنا ومستقبل الوطن، ودليل على أن ولي الأمر يعقد عليها آمالا كبيرة، ويتوقع منها عملا فعالا وإنجازا مؤثرا حقيقيا لمحاربة هذا الداء الذي بدأ يتفشى في كثير من أركان المجتمع. أعان الله الزميل العزيز محمد الشريف في أدائه لمهامه الجسام، وأقول بقلب صادق، إنه فعلا الرجل المناسب في المكان المناسب. ومن مجمل المكالمات الهاتفية التي جاءتني من الزملاء والمواطنين، أستطيع القول إن مليكنا الطيب الصادق، القوي الأمين، هو أكثر الزعماء العرب حبا لدى شعبه. فهذا ملك يدخل قلوبنا مع كل إشراقة شمس. ملك شجاع في قراراته، حكيم في بعد نظره، كريم في مقابلته، يعشق وطنه وشعبه وربعه فوق كل شيء، ويحنو على أجيال وطنه بقلب الأب الرؤوف، مبتسم حتى في أصعب المواقف، صبور على الشدائد والمحن وعلى الآخرين. هذا ملك ستفخر به أمته، وأرض العروبة والإسلام، لأجيال قادمة وأجيال، فهو نموذج ساطع للحاكم العربي المسلم المؤمن، المتواضع الذي يخشى ربه ويعمل لمرضاته، ولرخاء شعبه وازدهار وطنه. وليشهد التاريخ.. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 129 مسافة ثم الرسالة