قدمت الفنانة الفوتغرافية رهف الجلاد في معرضها الأخير في المركز الثقافي الألماني في دمشق مجموعة من المشاهد الضوئية التي استعرضت فيها لحظات صمت العدسة بلغة بصرية حاورت من خلالها ثقافة المتلقي بتقنياته العالية ممتزجة ببساطة في الطرح الفني محملة الصور الجمالية والقيم الفنية للعناصر المختلفة لتعكس حالة من الفهم العميق. الملاحظ في أعمالها اختيار الزمان والمكان لالتقاط الصورة ومصير الإضاءة التي تحرص الفنانة على أن تكون طبيعية لتعطي صدقا للصورة. اتسمت أعمال الفنانة بالنقاء والدقة والعلاقات المنسجمة بين العتمة والفضاء وتوازنات الأبيض والأسود وانسجام اللون مع المحيط بإيحاءاته الحركية والضلية لتمنح الأعمال المزيد من الجمال ليتذوق المتلقي العمل الفني المتكامل. خبرة الفنانة رهف وعشقها لهذا الفن جعلها تتبع سلوكا فنيا معينا فيما يخص الجانب التقني لإنتاج الصورة، حيث نلاحظ التوازن في هذه العملية فلا تخضع للحلول السهلة من حيث الاستخدام الواسع للمعالجات الفيزيائية أو الكيميائية، بحيث تطغى على واقعية المتناول من تفاصيل جراء الاعتماد الواسع على التكنولوجيا بعمومها والرقمية بكشل خاص، ولا تسقط في الوقت عينه من حساباتها ما يخدمها من هذه التكنولوجيا وما يرتقي بعملها فهي مواكبة لتطور فن التصوير في الوقت الذي تسعى فيه للحفاظ على حساسية وروح اللقطة الواقعية، وروح الحالة التي تجذبها، إلا أن التفكير وبعمق هو دافعها للعمل. من اللقطات المؤثرة هي تلك التي تتبع أخيلة أو ظلال أشخاص ومن خلالها تعبر عن ماهية الحركة والأشخاص أنفسهم بالرغم من عدم ولوجهم الكادر، فتبدو الظلال مفترشة الأحجار المرصوفة وما بينها من أخاديد، فتتداخل ألوان الأرض مع الظلال بحضور واضح للضوء الذي يصرح بزمن التقاط الصورة.