أطل موسم العمرة هذا العام في ظل تغيرات جذرية واستراتيجية محلية وخارجية وضعت الموسم على «كف المفاجآت» طبقا لمراقبين. وخلقت الحالة موجة توجس لا نظير لها في أوساط المستثمرين في قطاعي العمرة والفنادق الذين وقعوا بين مطرقة الأحداث السياسية في بعض الدول وبين سندان التنظيمات الجديدة التي أطلقتها وزارة الحج والهيئة العامة للسياحة وللآثار. وفي الوقت الذي شددت فيه وزارة الحج على كافة شركات العمرة على ضرورة الالتزام بالتصنيف الفندقي الذي سنته الهيئة العامة للسياحة والآثار وربط ذلك إلكترونيا مع منح تأشيرات العمرة والتشديد على منع التخلف وسن قوانين صارمة حيال الشركات المخالفة، لا تزال بعض شركات العمرة حائرة أمام كل هذه المتغيرات إذ تسعى جاهدة لحجز موقع لها على طاولة «كعكة الموسم» بالرغم من المعوقات التي تعترض طريقها. «عكاظ» تفتح ملف العمرة بين مطامع المكسب وهواجس الخسارة، وتناقش الملف الحيوي من كافة الجوانب وتقف على أبعاد المتغيرات الجارية التي أثرت بشكل مباشر على أحد أهم القطاعين في مكةالمكرمة، ونعني بهما قطاعي العمرة والفندقة، والذي يوفر وظائف موسمية تتجاوز 10 آلاف وظيفة باتت الآن مهددة في ظل تقليص القطاعين من التوظيف بسبب الضبابية التي تسيطر على موسم العمرة حتى الآن. قبل أن يطوي الموسم الشهر الأول من عمره، لاحت في الآفاق سحب الخسائر المادية حيث لم تتجاوز نسبة التشغيل في قطاع الفنادق 40 في المائة، وهو المؤشر المقلق لقطبي المعادلة في موسم العمرة لاسيما مع انقضاء عمرة «المولد» التي كانت بوابة الانطلاق في تعافي الموسم في كل عام ولم يحقق الموسم المذكور المكاسب والأرباح المتوقعة. على الرغم من التحرك المبكر للجنة الحج والعمرة في مكةالمكرمة لاحتواء أزمة الموسم إلا أن الوضع لا يزال يتأرجح بين التخوف والقلق المسيطر بعدما وقعت 100 شركة عمرة في فخ الفنادق المصنفة في مكةالمكرمة، إذ أخفق 622 فندقا من أصل 966، و223 وحدة سكنية مفروشة من أصل 243 وحدة، في تحقيق الحد الأدنى للتصنيف الجديد، فيما لم يحقق 51 فندقا في المدينةالمنورة من أصل 146، و191 وحدة سكنية مفروشة من أصل 243 الحد الأدنى في التصنيف الجديد للفنادق والوحدات السكنية المفروشة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والذي أطلقته أخيرا الهيئة العامة للسياحة والآثار. لجنة العمرة وحرب النجوم وفقا لرئيس لجنة الحج والعمرة في مكة سعد جميل القرشي، فإن الأمر يحتاج إلى حزمة من التصحيحات لتلافي الخسائر المادية في القطاعين ويقول القرشي ل«عكاظ» التصنيف الجديد وضعنا في موقف حرج أمام الشركات السياحية التي تطلب فنادق خمس نجوم لإبرام العقود وفق التصنيف الرسمي، في الوقت الذي لم يحصل فيه غير 12 فندقا في مكةالمكرمة على تصنيف خمس نجوم، وثمانية فنادق على أربع نجوم، و85 فندقا على ثلاث نجوم، و46 فندقا على نجمتين، فيما لم تحصل الشقق المفروشة التي شملها التصنيف في مكة على الدرجة الأولى والثانية، في حين حصلت سبع شقق على الدرجة الثالثة، و13 حققت الحد الأدنى. أما الفنادق والوحدات المفروشة في المدينةالمنورة والبالغة 146 فندقا و243 وحدة مفروشة، فقد حصل 14 فندقا منها على تصنيف خمس نجوم، و12 فندقا على أربع نجوم، و33 فندقا على ثلاث نجوم و13 فندقا نجمتين، في حين لا يوجد تصنيف الدرجة الأولى للشقق المفروشة، فيما حصلت خمس وحدات سكنية مفروشة على الدرجة الثانية، و43 شقة مفروشة على الدرجة الثالثة، وأربع حققت الحد الأدنى. ويضيف القرشي «في هذا الموسم وضعنا في لجنة الحج والعمرة ضوابط جديدة ومعايير دقيقة لاستقطاب قرابة 8 ملايين معتمر، لكن أزمة التصنيف وقفت حجر عثرة أمام بعض الشركات التي يتجاوز عددها 100 شركة. وهذا أكبر مهدد للموسم إذا لم تحل الإشكاليات العاجلة» تسريح الشباب من الفنادق المستثمر في قطاع الفنادق في مكةالمكرمة، فهد فايز الوذيناني، طالب بضرورة تدخل جهات عليا لحل أزمة العمرة التي بدأت إرهاصاتها تحيط بقطاع الفنادق. وقال ل«عكاظ» هناك أزمة حقيقية تتمثل في الدور الغائب لوزارة الحج ولجنة الحج والعمرة في مكةالمكرمة التي وقفت صامتة أمام أزمة شركات العمرة، ما أثر بشكل واضح على الاستثمار في قطاع الفنادق، فأنا على سبيل المثال، أحد المستثمرين المتضررين هذا الموسم من تنظيمات وزارة الحج وخصوصا في تضييق الخناق على شركات العمرة تخوفا من التخلف وتحديد أعداد متواضعة لكل شركة الأمر الذي خلق ضعفا عاما في الإقبال على استئجار الفنادق وتبعا لذلك لم تصل نسبة التشغيل لدينا غير 40 في المائة هذا الموسم الأمر الذي دفعنا إلى تسريح الشباب السعودي العامل معنا لعدم تمكننا من الإيفاء بالالتزامات المادية تجاههم. والخطورة أن مثل هذه الحالة تنذر بفصل الآلاف من العاملين في قطاع الفندقة من الشباب السعودي. غياب وزارة الحج مع ذلك يمتدح الوذيناني الدور الحيوي الذي تلعبه الهيئة العامة للسياحة والآثار وقال إن الهيئة عملت خلال 3 سنوات فقط ما لم تستطع وزارة الحج عمله في 15 سنة. والتنظيم الجديد الذي وضعته للفنادق والمتمثل في التصنيف خلق مساحة كبيرة للاستثمار في هذا القطاع لكن الدور الغائب هو دور وزارة الحج التي لم تحرك ساكنا لمواكبة التطوير والنهضة التي قادته الهيئة وهذا ما نعاني منه حاليا. ولعل الحل المنطقي يكمن في استحداث قطاع أو هيئة مختصة بالعمرة والفنادق تتبع الحاكم الإداري في إمارة مكة وهذا ما سيسهل سرعة اتخاذ القرار ومعالجة الأوضاع. لا اعتراض بل مهلة رئيس لجنة الفنادق في الغرفة التجارية الصناعية في مكةالمكرمة، وليد أبو سبعة، يعلق على الأزمة بالقول القرار الذي اتخذته وزارة الحج سيتسبب في تعطيل عمل القطاع الفندقي في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة إذا لم تتم المعالجة السريعة، إذ أن أكثر من ألف فندق في المدينتين المقدستين لا تزال غير مصنفة، ففي مكةالمكرمة على وجه الخصوص 668 فندقا لم يصنف منها غير 30 فندقا فقط، وهو الأمر الذي سيمكنها من العمل خلال الموسم في حين ستبقى البقية يقتصر دورها في إضاعة وقتها في الإجراءات اللازمة للحصول على التصنيف حيث يستغرق ذلك وقتا يمتد إلى عدة أشهر. وأضاف أبو سبعة أن القرار صدر بشكل مفاجئ للعاملين في قطاعي الفندقة والعمرة، ومع ذلك يرى أنهم لا يعترضون على القرار باعتبار أن التصنيف سيكون في صالحهم. ولكنهم يطالبون بمنح مهلة تصل إلى أربعة أشهر مع إمكانية أخذ التعهد على ملاك ومستثمري الفنادق في البدء بشكل فوري بالعمل في إجراءات التصنيف، مبينا أن مطالبته بالمهلة الزمنية أتت حتى لا يتعطل موسم العمرة أولا، ومراعاة لحجم الضغط الذي سيواجه البلديات والدفاع المدني والهيئة العامة للسياحة والآثار وهي الجهات المختصة بالكشف على المباني وإعلان النتائج. سوء فهم للتراخيص المدير التنفيذي في جهاز التنمية السياحية والآثار في منطقة مكةالمكرمة، محمد العمري، يقول دور الهيئة العامة للسياحة والآثار يقتصر على الترخيص لدور الإيواء، الفنادق والوحدات السكنية، التي تعمل على مدار العام في مكةالمكرمة، والجهاز ليس لهم أي علاقة بتلك المساكن التي يقتصر العمل فيها خلال موسم العمرة أو موسم الحج. المسؤول عن الترخيص جهات حكومية أخرى معنية بالأمر. وأبان العمري أن الذي تطالب به الهيئة في الوقت الحالي هو الترخيص لمزاولة العمل في تلك الدور السكنية حتى يتمكن مالكها أو المستثمر فيها من تشغيلها بشكل نظامي، بينما التصنيف هو مرحلة مقبلة سيعلن عنها في حينه. يضيف العمري عملنا في الهيئة تكاملي مع وزارة التجارة فيما يتعلق بالتراخيص السابقة التي كانت تصدرها الوزارة قبل أن ينتقل اختصاص الترخيص لتلك الدور السكنية إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار، ولا نطالب بترخيص الدور والوحدات السكنية التي ما زالت تراخيصها سارية المفعول من وزارة التجارة ومن البلدية ومن الدفاع المدني بحكم الرغبة في الحفاظ على مصلحة المستثمر وعدم التأثير في استثماراته، وفي حال انتهاء أي من التراخيص الواجب الحصول عليها، يجب على الفور مراجعة الهيئة والحصول على النموذج الموحد الذي تم البدء العمل به مطلع العام الماضي. تنسيق لحفظ الحقوق وأشار العمري إلى أن الهيئة تمنح المستثمر فور تقدمه بطلب النموذج الموحد موافقة مبدئية، والنموذج الموحد يعمل على تحويل المستثمر إلى البلدية وهي بدورها تتولى الكشف على المبنى والنظر في مدى أهليته للاستثمار المراد منه، ومن ثم يتم تحويل الملف إلى الدفاع المدني الذي يعمل على التأكد من جميع شروط السلامة الواجب توافرها. واصل العمري حديثه حول بقية الإجراءات المطلوب توافرها للحصول على ترخيص تشغيل دور الإيواء وأسباب تسلسلها، موضحا أن سبب توجيه النموذج الموحد إلى البلدية ومن ثم إلى الدفاع المدني يعود إلى رغبة الهيئة وحرصها على عدم تحميل المستثمر تكاليف توفير عناصر واشتراطات السلامة التي يطالب بها الدفاع المدني قبل التأكد تماما من أن المنشأة المعدة كدار للإيواء صالحة تماما، لافتا إلى أنه في بداية البرنامج المخصص للتراخيص من قبل الهيئة كان التوجيه يتم وفقا لرغبة المستثمر، واتضح لاحقا أن بعض المستثمرين بدأوا في توفير اشتراطات الدفاع المدني في الوقت الذي اصطدموا بعدم موافقة البلدية على الترخيص للمنشأة لأي سبب كان، وهو الأمر الذي كلف المستثمرين خسائر مادية لم يكن لها أي مبرر. تصنيف مغاير يشدد العمري على أنهم يتعاملون مع المنشأة دون النظر إلى من سيقطنها سواء كان معتمرا أو حاجا أو سائحا وخلافه، موضحا أنه ليس بأيديهم أن يمنحوا لمستثمري الفنادق مهلة للترخيص حتى يتمكنوا من استثمارها خلال موسم العمرة، مهيبا بملاك ومستثمري الفنادق بالمبادرة بتصحيح أوضاعهم والحصول على التراخيص اللازمة للتشغيل، وسيما أن الهيئة ملتزمة خلال أقل من 21 يوما بمنح الترخيص للمنشأة المكتملة إجراءاتها. وأضاف أن الهيئة، منذ أن انتقلت إليها مهام الترخيص والإشراف على دور الإيواء السكنية أنجزت عملا جبارا خلال العام الماضي، حيث تولت تصنيف فنادق مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، والتصنيف يختلف عن سائر اشتراطات التصنيف في بقية مدن المملكة، وهو مبسط وسهل يتناسب مع حجم الاستثمارات في المدينتين المقدستين من حيث مساحات الغرف والممرات ونوع الخدمات المطلوب توافرها، وروعي عند وضعه سعر الأرض الذي يعد مرتفعا عن بقية المناطق الأخرى، كما أن الهيئة عقدت أكثر من ورشة عمل مع ملاك الفنادق والشقق المفروشة في مكةالمكرمة وفي جدة وفي أكثر من منطقة، وتم التنبيه خلال ورش العمل على ملاك تلك الدور بضرورة الحصول على الترخيص من الهيئة حتى لا يواجهوا أية مشكلة أو تعطيل لاستثماراتهم، كما أن أمير منطقة مكةالمكرمة وجه الجهات المختصة والمعنية في مكة بالعمل الجماعي ومساعدة المستثمرين في إكمال إجراءاتهم وإنهائها، الأمر الذي تم فعلا عن طريق تصميم النموذج الموحد الذي يجمع الجهات الثلاث المعنية بدور الإيواء والمتمثلة في الهيئة،البلدية والدفاع المدني، بحيث إن المستثمر يراجع الهيئة لمرة واحدة فقط للحصول على الموافقة المبدئية ومن ثم إكمال الإجراءات للحصول على ترخيص التشغيل.