استكمل المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي اجتماع دورته الثامنة عشرة بعد المائة، الذي استهله الاثنين الماضي في مدينة أبوظبي، في مقر الأمانة العامة في مدينة الرياض أمس، برئاسة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير خارجية دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، وبمشاركة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبد الرحمن بن حمد العطية. وعبر المجلس الوزاري عن سعادته البالغة بعودة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى أرض الوطن سالما معافى بعد استكمال رحلته العلاجية، داعيا الله العلي القدير أن يديم عليه موفور الصحة والعافية، وأن يمده بتوفيقه لمواصلة قيادة المملكة، ودعم مسيرة مجلس التعاون. وجدد المجلس الوزاري تأكيده على ما تضمنه بيانه في دورته الاستثنائية «الثلاثين» التي عقدت في المنامة في 17 فبراير 2011م، من دعمه الكامل لمملكة البحرين سياسيا واقتصاديا وأمنيا ودفاعيا، ووقوف دول المجلس صفا واحدا في مواجهة أي خطر تتعرض له أي من دوله، واعتبار أمن واستقرار دول المجلس كلا لا يتجزأ ، التزاما بالعهود والاتفاقيات الأمنية والدفاعية المشتركة. وثمن المجلس الجهود الخيرة لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، التي أسهمت في تنقية الأجواء بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان، وبما يدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك. كما أشاد المجلس الوزاري بالبيان المشترك «الثالث»، الذي صدر عن مجلس التنسيق السعودي القطري، في اجتماعه الذي عقد في الرياض، في 1/3/2011م ، برئاسة كل من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وسمو الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني ولي العهد في دولة قطر، والنتائج التي تم التوصل إليها، التي تشكل نقلة نوعية لتعزيز العلاقات المتميزة بين البلدين الشقيقين، وبما يحقق مصلحة العمل الخليجي المشترك. واستعرض المجلس الوزاري مسار التنسيق والتعاون الأمني بين الدول الأعضاء في ضوء المستجدات الأمنية إقليميا ودوليا، وأبدى ارتياحه لما تحقق من إنجازات وخطوات تهدف إلى تكريس مسيرة العمل الأمني المشترك. وفي مجال مكافحة الإرهاب، أكد مواقفه الثابتة لنبذ العنف والتطرف المصحوب بالإرهاب، كما نوه بجهود دول المجلس في اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتفعيل القرارات ذات الصلة في هذا المجال، مؤكدا تأييده لكل جهد إقليمي أو دولي يهدف إلى مكافحة الإرهاب، ومجددا في الوقت نفسه ضرورة تفعيل القرارات والبيانات الصادرة عن المنظمات والمؤتمرات الإقليمية والدولية المتعلقة بمكافحة الإرهاب. وأفاد المجلس أنه بناء على اتفاق الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية لتهيئة الأجواء المناسبة لحل قضية الجزر، طلبت الإمارات العربية المتحدة من المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون المنعقد في دورته (118)، الموافقة أن لا يتضمن البيان الصحافي الفقرة الخاصة بهذه القضية. ويأتي هذا الطلب من الإمارات لخلق المناخ المناسب لنجاح الجهود المشتركة بينها وبين جمهورية إيران الإسلامية لحل هذه القضية. وتابع المجلس الوزاري تطورات العلاقات مع إيران، وأكد مجددا أهمية الالتزام بالمرتكزات الأساسية لإقامة علاقات حسن جوار، والاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحل الخلافات بالطرق السلمية، وعدم استخدام القوة أو التهديد بها. كما تابع المجلس مستجدات الملف النووي الإيراني بقلق بالغ، مجددا التأكيد على مواقفه الثابتة بشأن أهمية الالتزام بمبادئ الشرعية الدولية، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وجعل منطقة الشرق الأوسط، بما فيها منطقة الخليج العربي، منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، مرحبا في الوقت ذاته بالجهود الدولية، وخاصة تلك التي تبذلها مجموعة (5+1)، لحل أزمة الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية، ومعربا عن الأمل في أن تستجيب إيران لهذه الجهود. وبخصوص تطورات الوضع العربي الراهن أعرب المجلس الوزاري عن ترحيبه بالانتقال السلمي للسلطة في جمهورية مصر العربية الشقيقة، واحترامه لخيار الشعب المصري وإرادته الوطنية. كما أكد المجلس ثقته التامة بقدرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة على تثبيت السلم والاستقرار والطمأنينة في البلاد، وذلك تمهيدا لقيام حكومة وطنية، تحقق آمال وتطلعات الشعب المصري الشقيق في الازدهار والعيش الكريم، معربا في الوقت ذاته عن تطلعه لاستعادة مصر دورها التاريخي الرائد في مناصرة القضايا العربية والإسلامية. وأعرب المجلس الوزاري عن احترامه لإرادة الشعب التونسي الشقيق وخياراته في حياة حرة كريمة في ظل حكومة وطنية، معربا عن تطلعه لأن يعود الأمن والاستقرار في هذا البلد الشقيق، وأن يحقق الشعب التونسي الشقيق ما يصبو إليه من رخاء وازدهار. وتدارس المجلس آخر المستجدات الجارية في ليبيا، وأعرب عن إدانته للجرائم المرتكبة ضد المدنيين باستخدام الأسلحة الثقيلة والرصاص الحي وتجنيد مرتزقة أجانب، وما نتج عن ذلك من سقوط أعداد كبيرة من الضحايا المدنيين الأبرياء، مما يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وأشاد بمبادرات دول المجلس بتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الليبي الشقيق، وخاصة المتضررين من الأحداث الراهنة، متمنيا أن يسود الأمن والاستقرار ربوع هذا البلد الشقيق. كما أكد المجلس الوزاري على عدم شرعية النظام الليبي القائم، وإلى ضرورة إجراء اتصالات مع المجلس الوطني الانتقالي. ودعا المجلس الوزاري جامعة الدول العربية إلى تحمل مسؤولياتها باتخاذ الإجراءات اللازمة لحقن الدماء وتحقيق تطلعات الشعب الليبي الشقيق، ودراسة السبل الكفيلة لتحقيق ذلك، بما في ذلك دعوة مجلس الأمن الدولي لفرض حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين. واستعرض المجلس الوزاري تطورات القضية الفلسطينية، ومستجدات الوضع الراهن، مؤكدا أن السلام الشامل والعادل والدائم لا يتحقق إلا بالانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة إلى خط 4 يونيو 1967م في فلسطين والجولان العربي السوري المحتل، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدسالشرقية. كما أعرب عن أسفه لاستخدام الولاياتالمتحدةالأمريكية حق النقض الفيتو ضد مشروع القرار العربي الفلسطيني، المقدم إلى مجلس الأمن الدولي، الذي يدين الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة. وأكد أن هذه الخطوة لا تخدم عملية السلام في المنطقة، بل تشجع إسرائيل على الاستمرار في سياسة الاستيطان والتهرب من استحقاقات السلام، وقرارات الشرعية الدولية. وأكد المجلس دعمه لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة المتصلة القابلة للحياة، وفق مبادئ الشرعية الدولية، وقرارات الأممالمتحدة، ومبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية، ورفض أي حلول جزئية أو مرحلية في هذا الشأن، مشيدا بمواقف الدول التي اعترفت بدولة فلسطين على حدود عام 1967م ، ومؤكدا أن هذه الخطوة تمثل تطورا كبيرا في الدعم الدولي للحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني. وفي الشأن العراقي جدد المجلس تأكيد مواقفه الثابتة تجاه العراق الشقيق، المتمثلة في احترام وحدة العراق، واستقلاله، وسلامته الإقليمية، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على هويته العربية والإسلامية، وأن تحقيق الأمن والاستقرار في العراق يتطلب الإسراع في إنجاز المصالحة الوطنية العراقية الشاملة، كما أعرب عن أمله في أن تستكمل الحكومة العراقية تشكيلتها، بما يحقق مبدأ الشراكة بين جميع الأطراف والكتل السياسية العراقية. وجدد المجلس الوزاري دعمه الكامل للأمن والاستقرار والوحدة الوطنية اللبنانية، وأهاب بكافة الأطراف السياسية اللبنانية معالجة الأمور بالحكمة والتروي، في هذه المرحلة الدقيقة، دعما للخيار الديموقراطي في إطار القواعد الدستورية التي توافق عليها كل اللبنانيين، واستنادا لاتفاقي الطائفوالدوحة. ونوه المجلس بالمضامين الإيجابية التي وردت في خطاب دولة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، وعبر عن أمله بتشكيل حكومة تحقق آمال وتطلعات الشعب اللبناني الشقيق. وعبر المجلس الوزاري عن أمله في أن يسهم اعتراف الحكومة السودانية بنتائج الاستفتاء في إرساء السلام بين الشمال والجنوب، وأن تبنى العلاقات بين الجانبين على حسن الجوار والصداقة. وأعرب مجددا عن ترحيبه بالمراحل الأخيرة التي وصلت إليها عملية سلام دارفور في الدوحة، وبالقرارات الصادرة عن لجنة الوساطة، وعن مجلس الأمن التي تؤكد على ضرورة استكمال المفاوضات في الدوحة بدون شروط مسبقة، وبلا تأخير، وضمن الاتفاقيات الإطارية الموقعة، وبمشاركة جميع أصحاب المصلحة. وأكد المجلس على تضامنه مع جمهورية السودان، وعدم القبول بالإجراءات التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية بشأن النزاع في دارفور، ورفضه التام لجميع التهم التي وجهتها المحكمة الجنائية الدولية للرئيس السوداني عمر حسن البشير. وأكد المجلس الوزاري مجددا دعمه لأمن واستقرار ووحدة أراضي الصومال الشقيق، وتأييده للرئيس المنتخب شيخ شريف أحمد وحكومته الشرعية، داعيا في الوقت ذاته كافة الأطراف الصومالية المعنية إلى التعاون ورأب الصدع، وتغليب المصالح العليا للشعب الصومالي لإنهاء معاناته، تحقيقا للوحدة الوطنية، حتى يعم السلام كافة أرجاء الصومال الشقيق. كما قرر المجلس الوزاري دعم كلا من: مرشح المملكة العربية السعودية الدكتورة منى عابد خزندار، لشغل منصب مدير عام معهد العالم العربي في باريس، ومرشح كل من المملكة العربية السعودية، ودولة الكويت لعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة ( 2013 2016) وعضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي للفترة (2013 2015 )، ومرشح المملكة العربية السعودية لتجديد عضويتها في مجلس المنظمة البحرية الدولية (I M O )، ومرشح دولة الكويت لعضوية المحكمة الإدارية العليا لجامعة الدول العربية المستشار نجيب ماجد عبدالعزيز سلطان الماجد، ومرشح دولة الكويت علي سالم الدقياسي عضو البرلمان العربي لرئاسة البرلمان العربي، ومرشح مملكة البحرين لعضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة ( 2014 2017)، ومرشح الإمارات العربية المتحدة سلطان بن الشيخ مجرن لمنصب رئيس الاتحاد الآسيوي لرفع الأثقال للفترة (2011 2015)، ومرشح الإمارات العربية المتحدة المهندس ناصر أحمد الراشدي لمنصب رئيس فريق عمل المجلس للإعداد للمؤتمر العالمي للاتصالات لعام 2012. وعبر المجلس عن بالغ تقديره، وعميق شكره للجهود الكبيرة والمخلصة التي بذلها عبدالرحمن بن حمد العطية، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، خلال الأعوام التسعة الماضية، والتي شهدت إنجازات كبيرة في مسيرة التعاون والتكامل بين دول المجلس، متمنيا له دوام التوفيق والنجاح. كما أعرب عن خالص تمنياته للدكتور عبد اللطيف بن راشد الزياني الأمين العام «المعين» لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، بالتوفيق والسداد في أداء المهام الجسام الموكلة إليه، والإسهام في دعم مسيرة المجلس.