في أوج الاضطرابات التي يشهدها العالم العربي، تطرح مسألة وجود رؤية خاصة بأوباما في المنطقة، بينما يشكك خبراء في المبادىء التي عددها الرئيس الأمريكي أخيرا، معتبرين أنها ليست سوى سياسة براغماتية. وعندما سئل تحديدا عن رؤيته أثناء مؤتمر صحافي، أكد باراك أوباما أنه إزاء الانتفاضات التي تهز الشرق الأوسط «إن مقاربتي كانت أولا رفض العنف ضد المدنيين، وثانيا أننا ندعم الحرية والديمقراطية». وتبقى مثل هذه المبادىء بعيدة عن تشكيل فلسفة صلبة وصارمة يمكن أن تقود موقف الولاياتالمتحدة في الأزمات التي حصلت أخيرا في تونس ومصر، وتشهدها حاليا ليبيا ويمكن أن تحصل في أماكن أخرى. وأفصح الأستاذ في جامعة برينستون جوليان زليزر بأن «أكثر ما يشبه سياستنا، هو ترك مختلف الثورات تجري بوتيرتها الذاتية، وبعدم تدخلنا سوى عبر تصريحات عامة لدعمها». وقد اقترنت أسماء رؤساء أمريكيين عدة برؤى معينة في السياسة الخارجية. ففي العام 1823رفضت «عقيدة مونرو» (نسبة للرئيس جيمس مونرو) أي تدخل أوروبي إضافي في الأمريكيتين. وفي 1947 قضت «عقيدة ترومان» (الرئيس هاري ترومان) بأن تساعد الولاياتالمتحدة الدول التي تحارب النزعة التوسعية السوفييتية. كما تغطي عبارة «عقيدة بوش» بشكل خاص فكرة حرب وقائية مثل تلك التي شنتها إدارة الرئيس السابق جورج بوش على العراق في العام 2003. وفي ما يتعلق بليبيا أعلن أوباما أن بلاده ستتحرك بالتنسيق مع حلفائها الدوليين وستساعد ضحايا أية أزمة إنسانية أو في حال وقع مدنيون «في شرك» المعارك. وما يدعم مقاربة أوباما هو بكل تأكيد التجربة العراقية المؤلمة والرغبة في عدم التعرض لاتهامات بالنزعة الاستعمارية الجديدة. ولفت الرئيس الأمريكي الخميس إلى أن «أحد أهم نجاحات مصر» حيث تنحى الرئيس حسني مبارك عن الحكم تحت ضغط الشارع، «هو أن المصريين أمسكوا كليا بهذا التحول»، معبرا عن ارتياحه «لأننا لم نر ظهور مشاعر عدائية للأمريكيين». وإذا كان أوباما دعا بحزم الزعيم الليبي معمر القذافي إلى الرحيل، فإنه لم يذهب إلى هذا الحد مع غيره. كذلك انتقد البيت الأبيض بشدة النظام الإيراني لقمعه التظاهرات، لكنه ظل أكثر اعتدالا تجاه دول أخرى.. واعتبر أنثوني كوردسمان من مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية أن مقاربة الإدارة الأمريكية براغماتية أكثر منها عقائدية. وقال «إن العقيدة هي سياسة نطبقها على الأمد البعيد ونذكر بها باستمرار. وليست هذه هي الحال» في الوقت الحاضر.