أكد أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور سعود كاتب أن الإقبال على الإعلام الإلكتروني أدى إلى تراجع نسب التوزيع والإعلانات في الصحف الورقية، مشيرا إلى أن الصحافة الورقية في طريقها إلى السقوط، ما لم تتجه إلى تطوير بواباتها الإلكترونية. وأضاف كاتب في أحدية الدكتور عبدالله عمر نصيف في جدة البارحة الأولى، في محاضرة بعنوان «الإعلام الجديد وتأثيراته ومستقبل الصحافة المطبوعة»، أن «التوجه إلى الفضاء الإلكتروني أصبح حتميا ويحتاج إلى إرادة قوية، ولا سيما لرافضي التغيير الذين يعتقدون بأن الصحافة المطبوعة لا تزال الملك المتوج لجميع وسائل الإعلام». ووصف كاتب الرافضين لتطوير البوابات الإلكترونية لصحفهم بشكل يجعلها مختلفة ومستقلة عن الطبعة الورقية بالديناصورات، مبينا أن كافة الدلائل والأرقام تشير إلى اهتزاز الصحافة الورقية بشكل لم يسبق له مثيل. وأرجع كاتب تراجع الورقية لعدة أسباب منها: ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت في العالم والشرق الأوسط إلى أعداد مهولة، كما بينت دراسة أعدتها (comScore World Metrix) أن عدد المستخدمين أوائل العام 2009م في الصين بلغ 179.71 مليونا يقابله 163.3 مليون مستخدم في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وتابع كاتب، أن دراسة أعدتها هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات في المملكة، أوضحت ارتفاع عدد المستخدمين إلى عشرة ملايين مستخدم في نهاية العام 2009م وبمعدل انتشار لا يقل عن 40 في المائة، مما يعكس ارتفاع معدلات التوجه نحو الإعلام الجديد. ولفت كاتب إلى أن ثنائية التوجه في الإعلام الإلكتروني جعلته يحظى باستقطاب المزيد من المتابعين، موضحا «أن الإعلام الإلكتروني ثنائي التوجه ويتيح للقارئ المشاركة وإبداء الرأي على ما يقرأه ويشاهده بكل حرية ومن دون قيود يفرضها الرقيب». واستطرد كاتب قائلا، من ضمن الأسباب التي أسهمت في تنامي الإعلام الجديد دخول منافسين جدد وتغير العادات الشرائية للجيل الجديد من القراء والذين لا يعترفون بالورقية، لأن لديهم مصادر أفضل وأسرع لتوفير المعلومات، بدليل أن نسب التوزيع في الصحافة الورقية تراجعت كثيرا في السنوات الأخيرة داخل المملكة وخارجها، مما يؤكد أن هناك قارئا إلكترونيا يعزف تماما عن الوسائل التقليدية، فنسب التوزيع تتجه للانخفاض بمقدار 4.6 في المائة وتعتمد على الإعلان مصدرا رئيسا للدخل، والإعلان يتراجع بنسبة 18.1 في المائة بحسب إحصائيات عام 2008م. وأشار كاتب إلى تقرير صدر عن شركة PWC الاستشارية ونادي الصحافة في دبي، يؤكد أن نسبة نمو عائدات الإعلان في الإمارات هبط من 41.5 في المائة عام 2008م إلى 6.7 في المائة عام 2009م. واستعرض أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز بعض التجارب في هذا الاتجاه لصحف عربية وغربية استغنت عن النسخة الورقية بالكامل واكتفت بالنسخة الإلكترونية، مستشهدا بصحيفة «فاينينشال تايمز» التي أصبح موقعها على الإنترنت، لا يمكن تصفحه إلا باشتراك سنوي، مع العلم أنه يضم مليونا ونصف المليون مشترك، وكذلك صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الورقية، التي استغنت عن نسختها الورقية مع أنها صحيفة عريقة ويبلغ عمرها 100 عام. وفي سياق متصل، أوضح كاتب أن صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية خسرت 60 في المائة من قيمتها الدفترية، فيما بلغت خسارة صحيفة «واشنطن بوست» 40 في المائة من قيمة الشركة قبل ثلاث سنوات. وفي تعليقه حول المواقع الإلكترونية الحالية للصحف السعودية، انتقد أستاذ الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز أداءها، لافتا إلى أنها تفتقد للفاعلية ومصممة بفكر تقليدي خاص بالصحافة الورقية ولا تتضمن محتوى متميزا مما يشكل عائقا أمام الاشتراك المدفوع، فالقارئ لن يدفع مقابلا لمحتوى إعلامي يجده في جميع الصحف، واقترح كاتب أن تعمل المؤسسات الإعلامية على إعادة ابتكار المحتوى في مواقعها الإلكترونية، بحيث يكون متميزا ومتضمنا وجود قصص أصلية، تعليقات مفيدة، وآراء تحليلية، فضلا عن اكتشاف مصادر الدخل، وإعادة تصميم الشكل بما يواكب متطلبات الجيل الجديد. وشهدت المحاضرة عددا من المداخلات التي ركزت على الإعلام الجديد وتأثيراته ومستقبل الصحافة المطبوعة.