وصل طيارون سعوديون إلى طريق مسدود مع الخطوط الجوية العربية السعودية (الناقل الوطني) إثر الاستغناء عن خدمات الطيارين، وعدم قبول آخرين بزعم عدم كفاية التأهيل وعدم إتقان اللغة الإنجليزية، فيما بلغ الأمر بالطيارين وصول مرحلة العلاج النفسي، فيما يخفي آخرون عن أسرهم حقيقة استبعادهم. وطالب طيارون وذووهم بتشكيل لجنة عاجلة من هيئة الطيران المدني والجهات ذات العلاقة لدراسة أوضاعهم ومدى قانونية الاستغناء عنهم أو منع توظيفهم، في حين فتحت الخطوط الباب لابتعاث طيارين جدد بينما القائمة تزدحم بأعداد كبيرة من الطيارين المؤهلين. إزاء ذلك، أكد ل«عكاظ» مساعد مدير عام الخطوط السعودية للعمليات الجوية الكابتن عبد الله العمري أن «الخطوط لم تستغن عن أي متقدم تنطبق عليه المعايير المطبقة في الخطوط، وهناك متطلبات مثل عدد ساعات الطيران المحددة المطلوبة، واجتياز اختبارات تحريرية وعملية وفحوصات طبية، إذ لم يجتزها المتقدم يستبعد». وشدد العمري على أن «الخطوط ليس لديها أي التزامات تجاه من يدرسون على حسابهم الخاص لأي نوع من الدراسة أو التدريب، ويستثنى من ذلك المتقدمون الذي لديهم ضعف في اللغة الإنجليزية، حيث يعطون فرصة أخرى بعد أن يحسنوا مستوياتهم». وأوضح مساعد المدير العام للعمليات الجوية «أن معظم المعاهد التي تدرب على الطيران تجارية وليست بالضرورة مستوفية لجميع متطلبات الخطوط السعودية»، مشيرا إلى أن برنامج الابتعاث للطيران مع برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي «برنامج مستقل لسد الحاجة المستقبلية للطيارين السعوديين، والحاجة قائمة والخطوط السعودية لديها خطط توسعية في شبكة المؤسسة، وهناك إحلال بدل المتقاعدين». وبين العمري أن البرنامج المستقبلي «يجري وفق ضوابط ومعايير تحافظ على سلامة الركاب وعلى مستوى أداء الناقل الوطني للمملكة»، لافتا إلى أن «الخطوط حريصة على أن يكون جميع الطيارين ومساعديهم على مستوى عال من الكفاءة الفنية، وإجادة التخاطب باللغة الإنجليزية كلغة رسمية للطيران المدني العالمي لضمان السلامة، وحفاظا على أرواح المسافرين وكذلك التطور الذي حصل في صناعة الطيران وإدخال أجهزة معقدة في الطائرات المصنعة حديثا». وقال العمري «إن العنصري البشري يعد الأعم في منظومة صناعة الطيران وحرصا من الخطوط على الارتقاء بمستوى طياريها والحفاظ على السمعة التي يتمتع بها طياروها، فإنها تراجع بشكل دوري المعايير المطلوبة للطيارين»، مبينا أنه جرى «تشكيل لجنة تنفيذية من ذوي الاختصاص لمراجعة المعايير المطلوبة، وتم تحديث بعض المعايير وأوصت اللجنة بإدخال اختبار التوفل عقب استشارة المختصين في اللغة الإنجليزية». وذكر مساعد مدير عام الخطوط للعمليات الجوية «اخترنا مدربين واجتاز البعض الاختبارات بنجاح، بينما لم يحصل البعض على درجات متقدمة وجرت جدولتهم في دورات تدريبية أخرى لتحسين مستوياتهم في اللغة الإنجليزية دون مقابل، على الرغم من أن الخطوط غير ملزمة بتدريبهم، ومن ضمنهم مجموعة ليسوا موظفين في الخطوط السعودية». واستطرد العمري «راوحت تلك الفترات بين الشهرين إلى ستة أشهر ووفق توصية إدارة تدريب اللغة الإنجليزية في المؤسسة يتم استبعاد من لم يحقق المستوى المطلوب في برنامج اللغة، علما بأن القرار طبق على الجميع دون استثناء، ولكن في فترات متفرقة تفاديا لإرباك التشغيل ولا يزال قائما حتى تاريخه (أمس)». من جانبه، قال مصدر مسؤول في الخطوط السعودية مطلع على ملف الطيارين «المسؤولية مشتركة بين الخطوط والطيارين الذين لم يجتازوا التوفل، هل يعقل أن طيارا لا يتقن اللغة الإنجليزية وجميع المراجع والدورات وأبراج المراقبة تستخدم اللغة الإنجليزية؟، وعلى الخطوط أن تعطيهم أكثر من فرصة عقبها يمكنها الاستغناء وليس من أول مرة». وأبلغ «عكاظ» طيارون وذووهم، فضلوا عدم ذكر أسمائهم خوفا من حرمانهم من العودة إلى أعمالهم، عطفا على ما حدث لزملاء سابقين تحدثوا في بداية حركة الاستغناء والحديث للطيارين وذويهم فيما فضل آخرون عدم الكلام بأسماء صريحة لأنهم لم يبلغوا أهاليهم وأقاربهم بأنهم فقدوا أعمالهم. وقال الطيارون إنه «تم التخلي عنا وطلبنا لاستلام ملفاتنا عقب أن درسنا الطيران على حسابنا الخاص في الولاياتالمتحدةالأمريكية، ونمتلك رخص الطيران من هناك، ووجهنا من قبل الخطوط إلى دراسة اختصاصات ودورات إضافية ونفذناها ورجعنا وقدمنا أوراقنا، ومنا من استقال من عمله حيث كنا نعمل في مهن بعيدة عن اختصاصاتنا بحثا عن لقمة العيش عقب وعود قاطعة بتوقيع العقود خلال أيام، وللأسف تراجعوا عن توظيفنا». وتتحدث أم راكان (وهي والدة طيار استغنت عنه الخطوط السعودية وهو على رأس العمل) قائلة «صرفت على تأهيل ابني مليونا و400 ألف، كل ذلك كان في سبيل دراسة الطيران، حيث إنه حاصل حاليا على 440 ساعة طيران ولديه أربع رخص طيران من الأردن وأمريكا والفلبين وتم الاستغناء عنه بعد أن فشل في اجتياز التوفل الذي قررته الخطوط وهو على رأس العمل، لماذا لم تفعل مثل باقي الشركات في العالم وتؤهله وهو على رأس العمل ويعطى الفرصة؟». ويروي مواطن فضل ذكر اسمه ب«والد الكابتن فيصل» أن ابنه «ظل سبعة أعوام ينتظر طابور التوظيف في الخطوط السعودية حتى حصل على حصل على وظيفة ومع بداية توظيفة وتسجيل ساعات الطيران جرى الاستغناء عنه بسبب اختبارات التوفل». أما المواطن أبو أحمد فاختصر مطالبه بالقول «إذا كان هذا القرار يشمل جميع الطيارين فنحن نقبل، أما أن يكون على مجموعة، وأخرى تمتلك علاقات وأقارب في الخطوط السعودية لا يطالها الاستغناء، فنحن نطالب بلجنة تحقيق ونتحمل أية عقوبة إذا كان ما نقوله غير صحيح ولا توجد محسوبيات». قانونيا، أكد ل«عكاظ» المستشار القانوني خالد أبو راشد أن الخطوط السعودية «في مأزق حقيقي، حيث إنه لا يحق للخطوط أن تطلب من أي شخص تقديم الاستقالة من عملة إلا في حالة قبوله في طاقم العمل قبولا كاملا، ثانيا أن القرارات الصادرة بوجوب اختبار التوفل حسب تصريح بعض الطيارين المفصولين هي في الأساس على من هم في قائمة الانتظار وليس على من تم قبولهم سابقا». وذكر أبو راشد «في حال كان الطيارون غير صالحين للطيران فكيف تم السماح لهم بالطيران مئات الساعات بين مناطق البلاد، وبين المملكة وبعض البلدان العربية»، مشيرا إلى أنه «من المفترض أن الطيار في حال تحليقه ولو لمدة ساعة واحدة بطائرة مليئة بالركاب فإنه يعتبر صالحا للطيران، وغير الصالح للطيران فإنه يتم تقرير ذلك من البداية وقبل أن يحلق بالطائرة». واعتبر المستشار القانوني «قرار فصل الطيارين بدعوى عدم الكفاءة للطيران بسبب عدم اجتياز التوفل استهتار بأرواح الناس، فكيف يتم السماح لطيار غير صالح أساسا للطيران بالتحليق بطائرة مليئة بالركاب؟»،مشددا على «أن السماح يؤكد أن هؤلاء الطيارين صالحون للطيران». وفضل طيارون سعوديون التوجه للعمل في شركات أخرى خارج الوطن خصوصا في منطقة الخليج، وحاولت «عكاظ» التواصل مع أكثر من شركة خليجية إلا أنها اعتذرت، إذ رأت أن جنسيات الطيارين «شأن داخلي». وعلمت «عكاظ» من مصادر في هيئة التوطين الإماراتية أن ما يقارب 34 طيارا سعوديا يعملون في شركات النقل الجوي، منهم متقاعدون من الخطوط السعودية وآخرون شبان لم تتوافر لهم فرص العمل في الخطوط السعودية، وقلة رفضوا تعامل ومميزات الشركات العاملة في السوق السعودية.