• حدثني صديقي فهد، ذات مساء، عبر هاتفه النقال، بصوت خافت لدرجة لم أفهم بعض كلماته عن قصة حزينة لابن فقد والده، وقام بسردها: • «كان هناك طفل جميل وبريء وموهوب، ترتاح وأنت تشاهده أمامك مبدعا في كل مكان يذهب إليه، يعيش في أمان داخل بيته الذي يقع في قلب المدينة الساحلية، رزقه الله نعمة كبيرة هي محبة والده له، حيث يحظى هذا الابن بالتشجيع والدعم من أبيه، على اعتبار أنه ابنه الوحيد، فلا يدخر مالا عنه، ولا يألو جهدا في سبيل تذليل كل العقبات التي تواجه فلذة كبده، من أجل تحقيق أحلامه، وتجده في أحلك الظروف وأصعبها مستميتا دفاعا عن حقوق ابنه، رفض كل محاولات أولاد الحارة الذين يرغبون في الاستيلاء عليها، وبرغم كل المساعي المبذولة من الأولاد، إلا أنهم لم يستطيعوا أخذ شيء، في ظل وجود هذا الأب، حتى أصيبوا بالحقد عليه، وذهبوا يتحدثون عن دوره وما يقوم به لاجل ابنه مع آبائهم، ما حدا ببعضهم إلى قول (يا ليت لنا أبا مثله)، فأثار ذلك غريزة الحسد والحقد داخل نفوس آبائهم على هذا الرجل المحب لابنه، ليتفقوا على تدبير مؤامرة لإبعاد الأب عن الابن.. ونجحت المؤامرة وابتعد الأب، ونعم أولاد الحارة بسلب حقوق الابن.. • ليستيقظ الابن ذات يوم ولم يجد أباه أمامه، ولم يتحمل غيابه، فذهب يبحث عنه في شوارع المدينة، ممنيا النفس بلقاء أبيه، متذكرا تلك الأيام الجميلة التي كان فيها مع والده متسيدا الحارة، ومع مرور السنين أخذ الابن يتعب من كثرة التجوال، وتدهورت حالته الصحية والنفسية، مما دعا الأمر بأهله للذهاب إلى أقاربهم من أجل الوقوف مع الابن، ولا سيما أن هناك وعودا سابقة من الأقارب بأن يقفوا مع الابن في حالة فقدانه لوالده، لكن الأهل صدموا بتخلي الأقارب عن تنفيذ ما التزموا به في تقديم كل ما يحتاجه الابن، كما كان يفعل والده معه، وعند إلحاح الأهل تم إرسال عمه ليعيش معه، وبعد مرور عشرة أشهر لم يجد الابن من العم ما كان يجده من الأب، حيث استمرت إيذاءات أولاد الحارة دون أن يحرك عمه ساكنا تجاه تلك الممارسات، ليطلب الابن من عمه المغادرة، وعندما علم الأقارب بذلك أرسلوا الخال بديلا عن العم. • وبرغم تفاؤل الأهل، إلا أن الخال قام بنفس الدور الذي قام به العم، بل كان الأكثر تقصيرا في الحضور إلى منزل الابن، وظلت تعديات أولاد الحارة على حقوق الابن مستمرة دون رادع. • وبعد أن مرت أربع سنوات على غياب الأب عن (بيته)، أوى الابن ذات ليلة إلى فراشه وهو حزين ومهموم، بعد تلقيه ثلاث صفعات من أحد أولاد الحارة الشرقية لينام باكيا، وإذا به يشاهد والده في المنام قادما من بعيد باتجاه مشارف المدينة، ليقفز الابن من منامه فرحا، مرددا: إنه حتما سيعود، متذكرا سطوة أولاد الحارة عليه». • ثم صمت صديقي فهد وقال هل عرفتم من هو الابن؟ انه الاتحاد