احتشد في ميدان التحرير وسط القاهرة أمس ملايين المصريين احتفالا بسقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك وتكريما للقتلى الذين سقطوا خلال تظاهرات الأسابيع الماضية، وللتأكيد على مطالبهم التي لم تتحقق بعد، ولا سيما الإفراج عن الموقوفين. وتقاطر آلاف الأشخاص صباح أمس إلى ميدان التحرير، الذي شكل قلب الحركة الاحتجاجية التي أطاحت بمبارك، في ظل أجواء احتفالية. وأقيمت صلاة الجمعة في الميدان، وأم المصلين فيها الداعية المصري الشيخ يوسف القرضاوي الذي قال في خطبته «أقول كلمة للأنظمة الحاكمة، لا تكابروا، لا تناطحوا المريخ ولا تقفوا أمام التاريخ وأمام شعوبكم». ويتزامن هذا الاحتفال مع مرور أسبوع على تنحي مبارك تحت ضغط تظاهرات لم تشهد مصر مثلها من ذي قبل. ورغم هذه الأجواء الاحتفالية السائدة، أبقى الجيش على انتشار دباباته في محيط الميدان وعمد الجنود إلى التدقيق في هويات المتوافدين إليه بالتعاون مع اللجان الشعبية. وشارك الجيش أيضا في بث الأجواء الاحتفالية، إذ عزفت فرقة موسيقية عسكرية ألحانا وطنية وسط ترحيب الحشود. ويأتي هذا التجمع تلبية لدعوة «ائتلاف شباب ثورة 25 يناير» تكريما «لشهداء الحرية والكرامة والعدالة». وقد سقط في التظاهرات المناوئة للنظام السابق 365 شخصا على الأقل، فيما أصيب 5500 آخرين، وفقا لوزارة الصحة. وكان ائتلاف شباب الثورة قد دعا إلى مواصلة الضغط حتى تحقيق جميع المطالب، لا سيما الإفراج فورا عن كل الموقوفين. ويضم «ائتلاف شباب الثورة» حركة 6 أبريل، والعدالة والحرية، وحملة دعم محمد البرادعي ومطالب التغيير، وشباب الأخوان المسلمين، وشباب حزب الجبهة الديموقراطية، وشباب الجمعية الوطنية للتغيير. وخلال التظاهرات الضخمة التي شهدتها مصر في الأسابيع الماضية، فقد مئات الأشخاص، وفقا لمنظمات حقوقية اتهمت الجيش بالتورط كذلك في ممارسات تعذيب وسوء معاملة. وقال جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان في حديث له «هناك المئات من الموقوفين، لكن المعلومات عن أعدادهم ما زالت غير نهائية حتى الآن»، مؤكدا «وجود موقوفين لدى الجيش». واتهمت منظمة العفو الدولية الخميس الجيش المصري بممارسات بحق أشخاص اعتقلوا خلال التظاهرات. ويطالب المتظاهرون أيضا بالتحقيق في حالات القتل التي جرت خلال التظاهرات، ورفع قانون الطوارئ، واستبدال حكومة تسيير الأعمال الحالية التي يرأسها أحمد شفيق بحكومة تكنوقراط. غير أن الجيش ما زال يحظى باحترام المصريين وتعاطفهم، ولا سيما للانضباط الذي أبداه في التظاهرات. كما أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرر رفع الأجور ومعاشات التقاعد بنسبة 15 في المائة، فيما البلاد تواجه حركات مطلبة وإضرابات واسعة. وقال محمد واكد، أحد منظمي التظاهرة، إن هذه التظاهرة ترمي إلى «تكريم الشهداء» وانتظار العدالة. وأضاف «إذا لم يجر الإفراج عن الذين اعتقلوا خلال التظاهرات، ناهيك عن المعتقلين السياسيين قبل ذلك، فإن هذا الأمر سينطوي على إشارة سيئة، ويظهر أن الجيش ليس صادقا في الإصلاحات السياسية». كما يطالب هؤلاء الناشطون بتفكيك النظام السابق بشكل تام، مرحبين بتوقيف وزير الداخلية السابق حبيب العادلي الذي استخدمت قواته العنف المفرط تجاه المتظاهرين، وأوقف العادلي الخميس بتهمة «تبييض الأموال». كما أمرت النيابة العامة بتوقيف وزير السياحة السابق زهير جرانة ووزير الإسكان السابق أحمد المغربي ورجل الأعمال أحمد عز مدة 15 يوما «لدواعي التحقيق»، والثلاثة متهمون بتبديد أموال عامة. في سياق آخر، أعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الخميس أن الولاياتالمتحدة ستمنح مصر 150 مليون دولار كمساعدات اقتصادية ودعما للمرحلة الانتقالية السياسية الجارية في هذا البلد. وقالت كلينتون إن وليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية للشؤون السياسية وديفيد ليبتون مستشار البيت الأبيض المكلف بشؤون الاقتصاد الدولي سيتوجهان إلى مصر الأسبوع المقبل. وأعلنت وكالات السفر الفرنسية أمس عن استئناف الرحلات ابتداء من الأسبوع المقبل إلى كبرى المراكز السياحية المصرية، بعدما رفعت باريس أمس القيود عن الرحلات إلى هذا البلد.