تصريح خطير قرأته أمس للمهندس ثابت اللهيبي نائب المحافظ لشؤون التشغيل والصيانة في المؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة خلال ندوة الخبرات المكتسبة، يشير فيه إلى أن أكبر التحديات التي تواجه مؤسسة التحلية هو تسرب الكفاءات المؤهلة إلى القطاعات المنافسة، وبخاصة من شاغلي الوظائف الإشرافية والفنية الذين يعدون الشريحة المطلوبة والمفضلة في سوق العمل. هذا التصريح يجعلنا نسلط الضوء على قضية مهمة وخطيرة أخذت في الاتساع في الآونة الأخيرة، ألا وهي «التسرب الوظيفي» ليس على مستوى المؤسسة العامة لتحلية المياه، فحسب بل على مستوى القطاعات والمؤسسات، سواء الحكومية أو الخاصة لأن إشكالية التسرب الوظيفي تعد من الإشكالات التى يعاني منها كثير من القطاعات والكيانات الاقتصادية. إن من الصعب فصل مشكلة التسرب الوظيفي عن مسألة عدم رضا الموظف عن عمله، ولعل من النظريات التي تعرضت لمسألة الرضا والتحفيز ونالت شهرة واسعة بين علماء وباحثي الإدارة نظرية العاملين ليهرزبيرج. وطبقا لهذه النظرية، فإن المنشآت يجب أن تعير العوامل التحفيزية اهتماما أكثر من العوامل الصحية أو الوقائية. وتتمثل العوامل التحفيزية في التقدير بالإنجاز والاعتبار، والعمل أو الوظيفة، والمسؤولية والنمو الوظيفي. أما العوامل الصحية فقد ذكر منها؛ تخفيض ساعات العمل، وزيادة الأجور، والامتيازات التي يحصل عليها الموظف في مركزه الوظيفي. ولا شك أن ازدياد واتساع حجم التسرب الوظيفي وتنقل الموظفين بين وزارات وهيئات ومؤسسات الدولة يهدد استقرار العمل، ويسبب نوعا من حالة القلق، سواء بين الموظفين وأصحاب الأعمال والشركات، الأمر الذي يحتم على هذه المؤسسات والكيانات الحكومية والخاصة الإسراع في وضع ضوابط تحد من هجرة الكفاءات، وتقديم الحوافز والإغراءات الضخمة لبقائهم في مواقعهم، بالإضافة إلى وضع هيكل ثابت للرواتب والترقيات والامتيازات، حيث إن زيادة الرواتب ومنح الترقيات وتعديل الهياكل الإدارية تحقق الاستقرار الوظيفي وتحد من تسرب الموظفين.