صحيح أن الجميع مستاؤون مما حدث في جدة، نتيجة تراكمات الأخطاء الهندسية والإدارية وفساد بعض الذمم المؤتمنة على الخدمة العامة، وصحيح أن الاستياء بلغ أقصاه مع تكرار كارثة الأمطار والسيول مؤخرا، ولكن كل هذا لا يجب أن يزيل التفاؤل بأن قرار الإصلاح لا رجعة فيه، وأن كثيرا من الإشارات العملية تدل على ذلك.. فعلى مستوى المحاسبة، كلنا قرأنا ما يشبه شيئا جديدا علينا هو التحقيق والإحالة إلى القضاء وترسيخ مبدأ العقاب في حالة الإدانة، ولعل الأيام القادمة تثبت لنا أن كل متسبب في ما حدث، وبأي شكل، قديما أو حديثا، سوف ينال جزاءه العادل، لأنه بدون تطبيق هذا المبدأ لن يتوقف العابثون عن الفساد.. أما على صعيد انتشال جدة من أمراضها المزمنة التي لا تنفع معها المسكنات، فإننا نراقب عن كثب ما تقوم به اللجنة التنفيذية لمشروعات تصريف الأمطار والسيول التي رأس اجتماعها الثاني الأمير خالد الفيصل يوم السبت الماضي.. لقد تمخض الاجتماع الأول عن قرار في غاية الأهمية هو دعوة شركات عالمية متخصصة لتنفيذ المشروعات، والأهم «عدم السماح بمقاولي الباطن»، وقد قلنا في مقال سابق إن من أهم فساد مشاريعنا هو إطلاق نظام «من الباطن» دون تقنين أو ضوابط.. بعد الاجتماع الثاني فاجأتنا اللجنة بقرار مهم جدا هو الاستعانة بشركة أرامكو لإدارة مشروع إنقاذ جدة، وأن الشركة سوف تشكل فريق عمل خلال الأسبوعين المقبلين، وهذا ما يشكل مصدر ارتياح واطمئنان، الفكر الإداري عامل رئيسي لنجاح أي عمل.. لقد استعانت الدولة بأرامكو لإنجاز مشروع ضخم هو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، وكلفتها بإدارة مشروع مصفاة جازان حين تعثر البدء فيه، وها هو الأمير خالد الفيصل بحسه الإداري الواعي يصل إلى قناعة بأن رهانه على نجاح مشروع ضخم لا بد أن تتوفر له عقلية إدارية متقدمة ومنضبطة كأرامكو.. الإدارة هي أساس مشكلاتنا في كل مكان، لأن كثيرا من الإداريين يظنون الإدارة مظهرا واجتماعات فارغة وأخبارا عن إنجازات وهمية، ولا يعرفون أنها علم يتوقف عليه نجاح كل شيء.. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة