«نورة الحارثي» و «صباح علي» و «أم وائل» و «سعاد جمال مختار» أربع نساء سعوديات، هن نماذج من أسر، ينتجن في بيوتهن: عباءات، وطرحا نسائية، وأزياء، ومفارش، ومأكولات خفيفة، وعلب مناديل، وسلالا، ومزهريات، وستائر، وشراشف صلاة، وملابس إحرام نسائية، فيهن الأرملة، والفقيرة، والمطلقة، والمكلومة، والمحتاجة، والمريضة، و «المقطوعة من شجرة» ومن تسد رمق أفواه جائعة، هؤلاء ليس لهن سوى مطلب واحد: «تخصيص أماكن دائمة لعرض إنتاجهن، بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية، والغرف التجارية، أو الجهات المعنية بهذا الشأن، ودعمهن بإصدار سجلات وتراخيص تجارية، على أن تؤجر لهم المواقع بأسعار مناسبة». ما الذي يمنع حصولهن على السجلات، والتراخيص، والبحث لهن عن أماكن آمنة يبعن فيها إنتاجهن؟، وقد اشتكين من استغلال بعض المعارض لهن، وعانين من تنقلاتهن بين المدن؟ أليس هن أسرا سعودية منتجة؟ لماذا تفرض عليهن الجهات المعنية هذه العزلة الجائرة؟ وتعرضهن للضياع؟ وما وراء الضياع؟. أطرح هذه الأسئلة في أجواء يلفها الغموض، لا أجد مبررا لسد المنافذ أمامهن، فقد خلعن رداء الكسل والخمول، وشمرن عن سواعدهن، وألسنتهن تقول «تجوع الحرة ولا تأكل من ثديها» وهذا أعظم رد وأبلغه على هذه القسوة. لتقرأ الجهات المعنية، ما قالت إحداهن، ولتحدد موقفها بوضوح «بعد وفاة زوجي، لم يعد عندي دخل شهري كاف، أسدد به إيجار المنزل، والكهرباء، والماء، سوى راتب الضمان، الذي يتبقى منه القليل، للمواد الغذائية، ومتطلبات المدارس، فاتفقت مع بناتي اللواتي ما زلن في سن التعليم، أن نستفيد من راتب الضمان الاجتماعي المحدود، ليكون وسيلة نضاعف بها دخلنا، وبدأنا في إنتاج اكسسوارات غرف النوم، والمطابخ، وغرف المعيشة، وجلبنا الخامات، وبدأنا نعمل ليل نهار من المنزل، ثم نبيع إنتاجنا في الأسواق، لكننا لم نستطع الحصول على محل لعرض منتجنا، فاتجهنا إلى البازارات والمعارض الخاصة بالأسر المنتجة، التي تشرف عليها شركات وجهات مختلفة، واستأجرنا طاولات، ووضعنا عليها إنتاجنا، ورغم البيع الكثير، إلا أن نصف الدخل تم دفعه إيجارا للطاولة التي عرضنا فيها إنتاجنا». (ملحق الرياض الاقتصادي، 18 ذي الحجة 1431ه، الصفحة الأولى). هذه سيدة واحدة من سيدات كثيرات، يعشن المأساة نفسها، إذا استمرت فستدفع المرأة السعودية الشريفة، المنتجة، العفيفة، ثمنا فادحا وباهظا وخطيرا، في مجتمع فيه بطالة رجالية ونسائية مرتفعة، وفي موازاة أسر يعملن في بيوتهن، ويأكلن من عرق جبينهن، لقمة مغموسة بالخوف. القضية بكل أبعادها، وبكل نتائجها، أضعها على طاولة معالي وزير الشؤون الاجتماعية (د. يوسف العثيمين)، فهؤلاء النسوة أمانة في عنقه، وأنا أثق أنه يرعى الأمانة، وسينقذهن من حيف يطالهن، ويحفظ لهن تميزهن في إنتاج، أتوا به من الأبواب الأمامية، فلا يبعنه من خلال الأبواب الخلفية، فأنت يا معالي الوزير تعرف ما وراءها، قواك الله، وأعانك. بعد أن انتهيت من كتابة المقال، قرأت صدفة تصريحا لسعادة وكيل وزارة الشؤون الاجتماعية المساعد للضمان الاجتماعي (د. عبد الله السدحان) الذي قال: «إن نحو (70 %) من المشروعات في خطة الوزارة، موجهة لدعم المشروعات الإنتاجية للسيدات»، (صحيفة المدينةالمنورة، 6 ربيع الأول 1432ه، الصفحة الأولى)، وما دام الأمر كذلك، فهل يتسنى للوزارة دعمهن، وإخراجهن من أجواء غير مأمونة العواقب؟. فاكس: 014543856 [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة