مازلنا نختلف على أمور يبدو لي أنها من البداهات التي لا تستحق أن يشغل العلماء أنفسهم بها، فقد اختلف عالمان حول مسألة وقوف لاعبي كرة القدم حدادا على وفاة أحد لاعبي كرة القدم أو ضحايا الكوارث الطبيعية أو الجرائم التي قيل إنها كوارث طبيعية. فالمؤيد يرى أن الأصل عدم المجاملة، لكن إذا أحرج فريق كرة القدم أو أي وفد في الوقوف مع الجماعة موقف حداد فلا بأس أن يقف معهم مجاملة أو تأليفا لقلوبهم ومشاركتهم شريطة عدم النية في هذا العمل لأن الأساس الأعمال بالنيات، بمعنى أنه يمكن لك أن تظهر ما لم تبطن ولا تثريب عليك. فيما المعارض أكد أن الإسلام ينهى عن حداد الرجال والنساء إلا لمرأة فقدت زوجها. ثم يمضي ليشرح مفهوم الحداد وأن تترك المرأة الزينة والطيب والحلي وثياب الشهرة، وأن ترك المرأة الحداد يعني أنها أثمت، بعد هذا التفصيل يعود ليخبرنا أن على الإنسان أن يكون مؤمنا بقضاء الله وقدره وراضيا به، وأن يتقبل العزاء كما ورد به شرعا، مع أن القضية ليست حدادا بقدر ما هي وقوف دقيقة صمت وليس وقف أشهر العدة. وكلا العالمين الفاضلين يؤكدان بعد هذا التفصيل أن الوقوف دقيقة حداد على الأموات أمر لم يرد في الشريعة، ولم يؤثر عن السلف من الصحابة والتابعين وغيرهم على مر الزمان أن وقفوا حدادا على أموات نتاج زلازل أو كوارث أو حوادث. وما هو متعارف عليه بين جميع العلماء أن ما سكت عنه الشرع فهو حلال من منظور أن الأصل الإباحة. ثم الرواة يخبروننا : «كان سهل بن حنيف وقيس بن سعد قاعدين بالقادسية، فمروا عليهما بجنازة فقاما، فقيل لهما : إنهما من أهل الأرض، أي من أهل الذمة، فقالا: إن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام، فقيل له: إنها جنازة يهودي، فقال: أليست نفسا».. فلماذا هذا الجدل في قضية أرى أنها من البداهات، فأن تقف احتراما لموت إنسان بغض النظر من هذا الإنسان أمر يحث الدين عليه ؟. علي أن أنبه: هذا الجدل كان بسبب فكرة طرحت مفادها: هل يقف اللاعبون دقيقة صمت على غرقى جدة رحمة الله عليهم أم الوقوف سيؤدي لخطيئة يعاقب فاعلها ؟.بيد أن سؤال: «كيف / لماذا غرقت جدة»، لم يقلق بقدر ما أقلق سؤال: كيف نقف حزنا على موتانا.؟. S_ [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة