الإنجازات الوطنية هي الأكثر شيوعا بين أقرانها من الإنجازات الفردية التي يحققها الإنسان في خضم مراحل تطوره، وتظل تلك الإنجازات راسخة في أذاهان أبناء الوطن غير قابلة للتغير استجابة لمتغيرات يحدثها المجتمع. فسعادة الفرد الذي يسهم ولو بجزء بسيط في بلوغ حلم وطني في أي مجال لا تضاهيه سعادة ولا تقيسها مفردات اللغة، فمساحة الفرح التي ينثرها الفرد لوطنه هي الأجمل والأصدق من بين المساحات العاطفية التي تسكن جوارحنا. لكن ماذا لو حدث العكس؟ وساهم ذلك الفرد بطريقة أو بأخرى في كتابة المعادلة بالمغلوب اتجاه وطنه في لحظة ضعف يصعب مسحها بمجرد ألا اعتراف بأننا عاجزون عن تحقيق إنجاز وطني يسد فراغ ما يمكن تحقيقه على أرض الواقع، فكل ما أخشاه أن تسلك رياضتنا منحنى الاتجاه المعاكس طمعا في إنجاز وهمي يصنعه العابثون بسمعة رياضة وطن من خلال المزايدة على ناد كبير بحجم نادي الهلال وتاريخه الذي يشهد له «طوب الأرض» بأنه زعيم آسيا وفارسها بعدما كسا مشارق القارة ومغاربها بلون الأزرق، راسما صورة رائعة تحكي عن أمجاد الكرة السعودية على مدار حقبة زمنية من القرن الماضي ظل متسيدا الساحة بفضل نجومه الذين استحوذوا على الأخضر واليابس فعلا وإبداعا صفقت له القلوب. وأمام ذلك المجد فإنني أخشى على الهلال من الذين لا يعرفون تاريخه ولا قيمته وذهبوا يدعمون اتحاد مزعوم للإحصاء والتاريخ للفوز بلقب نادي العقد الآسيوي، غير مبالين بتبعات مجازفتهم التي خطط لها من أجل ذر الرماد في عيون الشارع الرياضي، مصورين بأن هناك إنجازا قد تحقق، هم يدركون تماما بأن هذا الاتحاد لا يحمل الصفة الرسمية والشرعية لمنح مثل هذه الجوائز في ظل وجود اتحاد رسمي (الاتحاد الآسيوي) الذي ابتكر الجائزة وحدد معاييرها، فإنني لا أخشى على الهلال من شيء إلا كما أخشى عليه من الانسياق خلف هولاء المهرولين إلى الهاوية، والسقوط في مغبة الانجراف لهذه الجهات التي لن تضيف بإنجازاتها للكرة السعودية شيئا. ولا أدري إذا كانت إدارة الأمير «الواعي» عبدالرحمن بن مساعد تدرك مدى خطورة إقامة احتفالية لهذا الإنجاز أو لا؛ لأن الاحتفال الاستباقي سيضع الهلال والكرة السعودية في موقف لا يحسد عليه في حالة قيام صاحب حقوق الملكية لهذا اللقب وإعلانه عن فوز ناد آخر باللقب ولحظتها فإن التاريخ لن يغفر للأمير الشاعر «هذا الإنجاز» من ذاكرته، إلا أنني أثق في فطنة من يدير دفة هذا الكيان الكبير بأنها لن تخونه في التعامل مع هذا الإنجاز الوهمي والتريث إلى حين الإعلان الرسمي من قبل الاتحاد الآسيوي وساعتها ستفرح كل الأندية السعودية لنادي الهلال بهذا الإنجاز وسنردد كلنا بصوت واحد «ما لها إلا هلالها». نحن نتمنى أن يحقق الهلال أو أي ناد سعودي كل الإنجازات والألقاب الآسيوية بل والعالمية لكن بشرعيتها القانونية التي تمنح من قبل الجهات الرسمية للجائزة وليس من اتحاد يرفع شعار «الضحك على الذقون» للترويج عن نفسه على طريقة جائزة أفضل لاعب عربي التي تتحرك معاييرها مع تحرك أسواق المال في الوطن العربي. ففي 30 سنة ماضية كانت الإنجازات التي تحققها الكرة السعودية لا يشق لها غبار وفي مقدمتها إنجازات نادي الهلال وليس كما يصورها البعض، فالرياضة السعودية ليست ناقصة إخفقات داخل الملعب وخارجة أيها العابثون.