كلنا يعرف قول الله تعالى: «وبالوالدين إحسانا»، وكلنا يحفظ من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة ما يحثنا على إكرام الوالدين في حياتهما، بل وبعد مماتهما، وما يحذرنا من عقوقهما، ففي ذلك الخير كله لنا، في الدنيا وفي الآخرة. وكلنا يتشدق باهتمام الإسلام بالوالدين، في المساجد، في الفضائيات، في الإذاعات، على صفحات الصحف، بل في مقررات الدراسة. لكن.. شتان بين ما رسمه الإسلام في هذا المجال وما أوجبه علينا، وما نعيشه من واقع أليم، تمثل في هجر الأبناء للوالدين، ناهيك عن عدم برهما، وعقوقهما، بل وإيذائهما، وكثيرا ما نقرأ ونسمع عن قصص نستنكرها ونشجبها وندينها، وهذا أقصى ما نملكه، لكننا لم نفكر بعد في تحويل النظرية المثالية الإسلامية في العلاقة بين الأبناء والبنات من جانب، والآباء والأمهات من جانب آخر، إلى واقع ملموس، له أطر محدودة، وقوانين واجبة التطبيق. ويبدو أن قدرنا الذي جعلنا نتخلف في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي والصناعي، بحيث أصبحنا نستورد من الصين كل شيء، نعم كل شيء، من ملابسنا التي تستر عوراتنا، إلى أجهزة الكمبيوتر التي نقضي أمامها نصف أوقاتنا إن لم يكن أكثر، ومرورا بسجادة الصلاة، وبوصلة تحديد القبلة، وغيرها مما لا تستقيم الحياة المعاصرة إلا به، أقول يبدو أن قدرنا هذا سيجعلنا نستورد قريبا من الصين كيفية تطبيق المثل والنماذج الأخلاقية في المعاملات، وبخاصة مع الوالدين. فلقد قرأت أخيرا أن إحدى مقاطعات الصين الشمالية قد قررت اتباع سياسة جديدة في ترقيات المسؤولين، تقوم على البر بالآباء والأزواج والأقارب، فإذا رضي هؤلاء جميعا من الشخص المرشح للترقية، فسوف يحظى بالدرجة العالية وتتم ترقيته، وذلك من خلال قيام بعض المستشارين في المقاطعة بسؤال الوالدين والأمهات والأزواج عن مدى المعاملة اللائقة التي يتلقونها من الفرد المرشح للترقية، والشكاوى التي تأتي من والدي هذا الشخص قد تكون كافية للاعتراض على ترقيته، وقد صرح أحد المسؤولين في مقاطعة ويكسيان في إقليم هيبيل بالصين بأن مساعدة الجمهور تأتي بتعلم البر بالكبار، ولا بد أن يكون المسؤول قدوة لغيره. هذا في الصين فهل يمكن لنا تطبيق ذلك في مجتمعاتنا الإسلامية بشكل عام، وفي مجتمعنا السعودي بخاصة؟! في كثير من المجتمعات، يتم الاستفسار من الجهات الرقابية والأمنية عن حالة وأوضاع من يتم ترشيحه لتولي منصب قيادي في الجهاز الحكومي، وإني على يقين من أن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن لا يبر والديه، ولا يصل رحمه، ولا يود الناس، ولا يتمتع بعلاقات طيبة مع أقربائه وأصهاره، لن يصلح في التعامل مع الجمهور، إذا ما تولى مسؤولية جماهيرية، وقد فشل مع ذوي الرحم وأولي القربى.. أحيانا نطلب شهادة تزكية، أو شهادة حسن سيرة وسلوك، عند قبول شخص ما في وظيفة متواضعة، فلماذا لا تشكل هيآت تكون مهمتها التحري والتدقيق والسؤال عن أخلاقيات وسلوكيات الشخص المرشح للترقية إلى وظيفة اجتماعية أو إدارية أو قيادية كبرى، وعلاقته بوالديه؟! أعتقد أن خطوة كهذه ستدفع الكثيرين إلى إعادة النظر في تعاملاتهم مع الآخرين، وبخاصة مع الوالدين، ولنجرب «رضا الوالدين بالصيني»، إذا زهدنا بالرضى الإسلامي. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة