(رسالة من صديق مصري) صديقي .. قلت لك : إن اليوم الأول أربك الجميع، ولم يعد أحد قادرا على التصرف بحكمة، لهذا كان اليوم الثاني والثالث داميين، فرجال الأمن بدؤوا يتصرفون بخوف من المسؤول، ويريدون فض هذه المظاهرة كي لا يعقبوا، لهذا كان الارتجال سيد الموقف فالجميع مرتبك بما فيهم نحن. لا تندهش يا صديقي.. نحن أيضا أربكنا نجاحنا، ربما لأننا كنا نضع حدا لقدراتنا، لست أدري من قال : «لكي تعرف حدودك عليك أن تتجاوز حدودك». وهذا ما حدث فقد تجاوزنا ما كنا نعتقد أنها حدودنا، فاكتشفنا أننا كنا نضع حدودا وهمية لنا. هذا الاكتشاف هو الذي أربكنا، وحين بدأ الجميع يسألنا : «ما هي مطالبكم»؟ بدأنا نرتجل .. «الشعب يريد تغيير النظام» ، ثم بدأنا نفصل «لا للتوريث .. لا للرئاسة مدى الحياة .. إلغاء قانون الطوارئ» ، وثمة من استدعى تجربة تونس القريبة، وبدأ يطالب بالمحاكمة. ألم أقل لك : كان الجميع مرتبكين بما فيهم نحن فقد أربكنا ذاك الفضاء الشاسع لحدودنا، فيما كنا نضع حدودا وهمية لقدراتنا، وكنا نعتقد أنه سيتم قمعنا بسهولة ويسر وسنعود لبيوتنا لتضمد أمهاتنا جروحنا، وهذا ما لم يحدث. المدهش يا صديقي أن أول من استوعب الواقع الجديد «الحرامية» ، فهم أول من تحرك وسط هذا الارتباك بشكل منظم ومرتب، وبدؤوا يسرقون كل ما تطاله أيديهم، وبدأت الحكومة والمعارضة يتهمان بعضهما بعضا، وكل واحد منهما يشير إلى الآخر بأنه هو من أطلق «الحرامية» . مع أن المظاهرة هي من أطلقتهم دون قصد منها، فقد خلقت مناخا مناسبا لعمل «الحرامية الصغار» ، فيما هذا المناخ لا يناسب «الحرامية الكبار» ؛ لأن سرقة المليارات والمشاريع تحتاج لمناخ هادئ ومنظم كي يتم التخطيط له بشكل دقيق. هل تعلم يا صديقي أن أول من تتحقق مكاسبهم من المظاهرات هم «الحرامية الصغار» ، وطلاب المدارس؟ يقول نجيب محفوظ في إحدى حكاياته : «ذهبت ذات صباح إلى مدرستي الأولية محروسا بالخادمة، سرت كمن يساق إلى سجن، بيدي كراسة وفي عيني كآبة، وفي قلبي حنين للفوضى، والهواء البارد يلسع ساقي شبه العاريتين تحت بنطلوني القصير.. وجدنا المدرسة مغلقة، والفراش يقول بصوت جهير : بسبب المظاهرات لا دراسة اليوم أيضا، غمرتني موجة من الفرح طارت بي إلى شاطئ السعادة، ومن صميم قلبي دعوت الله أن تدوم الثورة إلى الأبد» . وماذا أيضا ؟. نكمل غدا. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 127 مسافة ثم الرسالة