انظر حولك، ستجد أزمة في كل جزء من العالم العربي. في التلفزيون تطالعك أخبار أزمة ما. في الجريدة ألف أزمة. في خزانة ثيابك ستجد ولا شك أزمة بين طيات الثياب. القاهرة تعاني. والخرطوم تعاني. وصنعاء تعاني. كأن لعنة قد أصابت المنطقة حتى لتحس بأن ألوان الكون السبعة قد أصبحت لونا أسود واحدا. هل هو الزمن من أخطأ بحقنا، أو لعله المكان، أم هو نحن، أم تراهم يكونون هم؟ ليس هو الزمان ولا المكان، بل لعله نحن وهم.. وأقصد بهؤلاء «الهم» من بيدهم القرار. لو تأملت في معظم ما يحدث تحت غمامة اللون الأسود، أحداث تونس، وحتى اعتصامات القاهرة مرورا بانفصال السودان، ستجد أن العلة تكاد تكون واحدة وإن اختلفت صورها وتعددت أشكالها. هذه العلة هي ما يمكن أن أسميه «خطيئة الانتظار» حتى اللحظة الأخيرة. نحن نعلم أين الخطأ، ونراه، بل ونعيش معه، وجل ما نفعله للتغلب عليه هو «الانتظار» ولا شيء أكثر. أزمة السودان وانفصاله، كنا نعلم من البدء بأن القضية محسومة في نهاية المطاف، وبأن الانفصال قادم لا محالة. عشرات يسقطون بين جريح وقتيل في اشتباكات لا تنتهي، واستنزاف لا حدود له، رغم ذلك آثرنا الانتظار.. ولا شيء. في مصر تكرر الوضع ذاته، في تونس حدث ما حدث، ويعلم الله أين ستكون الضربة المقبلة. نحن نرى المشكلة من بدايتها وحتى اشتداد عضدها. نشتكي منها ثم ننتظر، كأن الانتظار «سوبرمان» الذي ينقذ من المصائب. كأن «الانتظار» مفتاح كل باب عصي. كأن «الانتظار» قطار خمسة نجوم ينقلنا من زمن مليء بالألم إلى أرض لا يغادرها الفرح. «الصبر» فضيلة، لكن «الانتظار» إن طال استحال خطيئة. لعل الصبر يشذب النفس ويصقلها ويدفعها الى أقصى حدود التحمل والقدرة. لكن الانتظار كسل مطلق. والاستمرار فيه إغراق لا ينتهي في بحر الخمول.. حتى يصبح البحر بقعة نار لا تحتمل، فننتفض مرة واحدة دون أن نسأل أنفسنا: أين كنا قبل ذلك؟ [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 258 مسافة ثم الرسالة