استفحل الأمر بعد تراشق بالشتائم، وسرعان ما تحول إلى معركة حقيقية في ميدان التحرير بين محتجين يطالبون برحيل الرئيس المصري وأنصار لحسني مبارك في تغير سريع لمشهد سلمي دام نحو أسبوع. وتبادل المتظاهرون في أول فصل من المشهد الشتائم، من طرفي الحواجز المضروبة حول ميدان التحرير، ثم بدأ رمي أي شيء يمكن أن يجدوه، بما في ذلك الأحذية، الحجارة، العصي، والزجاجات الحارقة (مولوتوف). وفي فجأة زالت الحواجز، وماج الناس بعضهم في بعض في مشهد فوضوي، سقط خلاله بعض المتظاهرين مصابين بجروح، وتعثر آخرون وسط الحشد، وتدفق الدم على وجوه من الجرحى. وبالقرب من ذلك، مسجد أصبح بمثابة مستشفى ميدانية مؤقتة يعمل بها متطوعون وأطباء، وسط غياب تام للشرطة التي لم تشاهد في أي مكان، فيما عجز أو لم يرغب الجيش عن الفصل بين الجانبين. وتواترت أنباء عن أن بعض مؤيدي الرئيس مبارك 50 أو 60 شخصا يحملون الهراوات ويركبون الخيل والجمال ويغيرون على وسط مربع الاشتباك، حتى أن أحد الخيالة هؤلاء سحبه المتظاهرون من على صهوة جواده وأوسعوه ضربا. وأفاد شهود عيان أن أصوات أعيرة نارية سمعت البارحة أثناء اشتباكات بين متظاهرين مؤيدين وآخرين معارضين للرئيس حسني مبارك، بيد أن مسؤولين حكوميين نفوا على نحو قاطع حدوث أي إطلاق نار في المنطقة. وعكست التغطيات التلفزيونية المستمرة مصادمات عنيفة بين المتظاهرين في (ميدان التحرير)، دون تدخل الجيش الذي لم يتحرك وسط اختفاء عناصر الشرطة من المنطقة، في تصاعد خطير للاحتجاجات القائمة منذ أكثر من أسبوع. وأشارت وسائل إعلامية إلى سقوط ما لا يقل عن 500 في موقع الحدث، كما عمد بعض المتظاهرين خلال الاشتباكات إلى انتزاع قطع الإسفلت والحجارة من الشوارع لاستخدامها كأسلحة في مواجهة الطرف الآخر، بينما أظهرت لقطات تلفزيونية لمجموعة تؤدي الصلاة لتفصل بين الجماعتين. وقال معارضون في محافظات مختلفة إنهم مشغولون بتنظيم مسيرات (جمعة الرحيل) التي يقول المحتجون إنها قد تشمل الزحف إلى قصر الرئاسة في ضاحية مصر الجديدة. وفي أول رد فعل رسمي مصري على المحتجين بعد إعلان الرئيس المصري حسني مبارك عدم نيته الترشح لولاية رئاسية ثانية، حث نائب الرئيس المصري عمر سليمان جميع المتظاهرين على العودة إلى منازلهم والتقيد بحظر التجول من أجل استعادة الهدوء قائلا إن الحوار مع القوى السياسية مرهون بانتهاء الاحتجاجات في الشوارع. ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن سليمان قوله: «إن المشاركين في هذه التظاهرات وصلوا برسالتهم بالفعل سواء من تظاهر منهم مطالبا بالإصلاح بشتى جوانبه أو من خرج معبرا عن تأييده للسيد رئيس الجمهورية وما جاء بكلمته لأبناء الشعب مساء أمس. وقال نائب الرئيس إن الحوار مع القوى السياسية الذي يضطلع به بناء على تكليف السيد الرئيس يتطلب الامتناع عن التظاهرات وعودة الشارع المصري للحياة الطبيعية بما يتيح الأجواء المواتية لاستمرار الحوار ونجاحه. هذا، وأفصحت وزارة الخارجية الأمريكية أن الوزيرة هيلاري كلينتون أكدت لنائب الرئيس المصري عمر سليمان أن العملية الانتقالية يجب أن تبدأ الآن. مشددة على ضرورة وأهمية محاسبة أولئك المسؤولين عن العنف في القاهرة.