توشحت مجموعة من السيدات والفتيات المصريات بالسواد في وقفة حداد على من سقطوا في الاحتجاجات الشعبية التي تشهدها مصر منذ أيام مخلفة 125 قتيلا وآلاف الجرحى حتى الآن. بدأت هذه الوقفة أمام جامع مصطفى محمود في القاهرة بمجموعة لا تزيد على 20 أو 30 من هؤلاء النسوة اللاتي تجمعن دون تنظيم مسبق، وإنما بدعوة شفهية من صديقة لأخرى، وجميعهن تقريبا ينتمين إلى الطبقة الميسورة. من هؤلاء علا (35 عاما) الموظفة والأم لطفلين تقول: «جئت للمشاركة حزنا على الشهداء الذين سقطوا برصاص الشرطة وعلى حرق ونهب مصر»، في إشارة إلى أعمال التخريب والنهب التي يزعم العديد من المصريين أنها تمت بإيعاز من جهات عمدت أيضا إلى إطلاق السجناء من السجون ومراكز الشرطة. الشابة عبلة (24 عاما) الموظفة في بنك والمتخرجة في الجامعة الأمريكيةالقاهرة تذكر: «لا يكفي أن يرحل النظام نريد حكومة شعبية نريد أن يختارها الشعب بحرية». أما هناء علي (40 عاما) ربة المنزل والمتخرجة أيضا في الجامعة الأمريكية توضح: «جئت من أجل مستقبل أفضل لأبنائي». وتضيف «نريد أن نحلم من جديد لأننا لم نعد نحلم منذ 30 عاما». وبعد انتهاء صلاة الظهر أخذت الفتيات اللاتي كان معظمهن يرتدي الجينز وسترات سوداء يدعون الخارجين من المسجد الكائن في حي المهندسين الجيزة للانضمام إليهن. وما هي إلا لحظات حتى ارتفع العدد إلى أكثر من ألفي شخص من النساء والشباب والرجال الذين حمل بعضهم أبناءهم على الاكتاف. وعن السبب في اختيار ميدان مصطفى محمود، أفادت هدى الصدى أستاذة الأدب الإنجليزي في جامعة القاهرة: «نريد أن تكون كل ميادين مصر مثل ميدان التحرير حيث اعتاد أن يحتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين المطالبين بالإصلاحات. وسط هذا المشهد، فجأة وقفت أمام المتظاهرين امرأة أخذت تردد وهي ترقص هتافات مؤيدة للرئيس مبارك لكن سرعان ما تجاهلها الحشد. وعندما مرت المسيرة يتقدمها الدكتور محمد أبو الغار الطبيب والقيادي في الجمعية الوطنية للتغيير التي تؤيد المعارض البارز محمد البرادعي أمام عدد من رجال الشرطة الذين كانوا ينظمون حركة المرور في الميدان، أخذ المتظاهرون يهتفون لهم «سلمية سلمية» في تأكيد على الطابع السلمي للمسيرة. ووسط الجموع وقفت نيفين (35 عاما) الأم لطفلين توزع على المارة والمشاركين سوارات بلاستيكية بيضاء مرسوم عليها العلم المصري وشعار «Born To Be Egyptian» (ولدت لأكون مصريا). وتقول نيفين «جئت لأساعد زوجي في توزيع هذه السوارات التي صنع منها أكثر من عشرة آلاف نسخة تعبيرا على حبنا لمصر»، مؤكدة أنها لا هي ولا زوجها لهما أي انتماء سياسي لكنهما فعلا ذلك «حبا في مصر». وعلى رصيف مقابل جلس عبدالرحمن يكتب بخط جميل على أوراق كبيرة ملونة شعارات ويوزعها على المشاركين في المسيرة التي توجهت سيرا على الأقدام إلى ميدان التحرير للانضمام للمتظاهرين وسط السيارات التي أخذ العديد من سائقيها يحيون الموكب بإطلاق آلات التنبيه.