منذ مئات السنين وقصص الأساطير الشعبية تروى حول حفرة (طمية) في مركز أم الدوم شمالي الطائف، والتي يصل قطرها إلى 3.5 كم وعمقها 350 مترا، ولعل أشهر تلك القصص وأكثرها تداولا بين العامة هي أن جبلا «اقتلع» من طمية وسافر عشقا إلى جبل في نجد يسمى «قطن»، ولذلك سميت تلك الفوهة (مقلع طمية) نسبة إلى الجبل الذي اقتلع من طمية، ولعل تشابه التربة حول الجبلين (العاشق، والمعشوق) هو ما يعزز تلك الحكايات الأسطورية. جامعة الطائف حاولت توضيح التفسير العلمي لأصل هذه الفوهة التي تعتبر أكبر فوهة بركانية في المنطقة العربية، وقام فريق بحثي من أساتذة الجامعة يضم متخصصين في علوم الأرض نهاية الأسبوع الماضي بعمل مشروع بحثي شامل عن الخسف الكبير في منطقة «مقلع طمية»، فضلا عن الكشف عن نوعية المعادن والخامات الاقتصادية المصاحبة لهذه الطفوح البركانية، وأقام الفريق البحثي أسبوعا كاملا في المنطقة بعد أن وفرت الجامعة جميع أنواع الدعم والأجهزة التي تم جلبها خصيصا من الولاياتالمتحدة لهذا الغرض، وكشفت الدراسات المبدئية عن وضع تصور لطبيعة تكوين وتشكيل ونشأة هذه الفوهة، فضلا عن وجود معادن اقتصادية مهمة مثل الأوليفين والزيوليت، وتنبأ الفريق البحثي بوجود معدن الذهب في تلك المنطقة. وأوضح مدير جامعة الطائف الدكتور عبدالإله باناجة أن الدراسة في مجملها تهدف إلى إلقاء الضوء على الموقع وأنواع الصخور المحيطة وجيولوجية المنطقة والتعرف على طبيعة الفوهة ونشأتها ودراسة البيئة الجيولوجية القديمة للطفوح البركانية أثناء الطفح البركاني، اعتمادا على العناصر الكيميائية الأكثر شيوعا، والعناصر الشحيحة والنادرة، إضافة إلى الكشف عن المعادن والخامات الاقتصادية المتوقع وجودها في فوهة البركان أو في المناطق القريبة، بالإضافة إلى اقتراح خطة استراتيجية مستقبلية لتطويرالمنطقة سياحيا. وقال باناجة إن الدراسة تطلبت استخدام العديد من أساليب وأدوات البحث الحديثة، ومنها الدراسات الميكروسكوبية والميكروبروب، وتحليل العناصر الكيميائية النادرة والأرضية، واستخدام المغناطيسية القديمة والنظائر المشعة (بوتاسيوم، أرجون) لتقدير عمر هذه الطفوحات البركانية. وأضاف باناجة أن تلك الدراسة أتت من منطلق الإيمان الكامل لجامعة الطائف بدور البحث العلمي والارتقاء به وأهميته بتوفير بيئة علمية متميزة للقيام بإجراء البحوث التي تقود للابتكارات والاختراعات، والتي تساعد في دفع الجامعة للتحول لاقتصاد المعرفة لتشارك في تطوير مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة في المملكة.