عبر فيلم الصمت على عمق وحكمة ردة الفعل الصامتة وقت الصدمات القاسية فكثير من ردات الفعل تكون هي السبب في تغيير مجرى حياتنا، وهذا ما تقوم عليه فكرة الفيلم السعودي الحائز على جائزة الخنجر الذهبي لأفضل فيلم تسجيلي قصير في مهرجان مسقط السينمائي للمخرج السعودي توفيق الزايدي والذي يروي مرحلتين من قصة الشخصية خالد وفي كل مرحلة تعرض فيها لموقف قاس وكانت ردة فعله الصمت. ليس لأنه إنسان قادر على التحكم في انفعالاته بل لأنه ولد أصم هو وشقيقته ومن المشهد الأول نكتشف أن العائلة كلها صماء وبكماء. والزايدي قدم الصمت عن طريق إعاقة هذه العائلة، في المرحلة الأولى لخالد وهو طفل يتعرض والداه إلى حادث أودى بحياتهما معا وكانت ردة فعله صامتة لدى فقدان والديه، والمرحلة الثانية عندما كبر وأصبح شابا وأعجبت به فتاة وعندما اكتشفت أنه أصم وأبكم ابتعدت عنه وبقي هو صامتا، الصمت جعله يتحاور مع ذاته وانغلق على نفسه وأصبح يكتب ويؤلف لحنا على آلة الجيتار التي تعلق بها منذ صغره بعدما رأى فتاة بمستوى عمره تحمله على شكل لعبة فأحبها بصمت ووصل إلى أن يكون عازف جيتار، وحقق حلم شقيقته التي جعلها تغني بصمت وبلغة الإشارة. كلمات الأغنية المقدمة في الفيلم قام بتأليفها وتلحينها أيضا توفيق الزايدي والتي تحمل معاني إنسانية وتحكي عن أهمية وجود الإنسان كفنان وكائن حي يختلف عن كل الكائنات الحية بمشاعره وبقيمه الإنسانية، والتي تقول كلماتها (صحيح نحن نسمع ولا نتكلم، وهذا لا يعني أننا لا نفهم، يا دنيا يا كبيرة كم أنت صغيرة في عين الأصم بل أنت عجيبة ولكن الحقيقة لا تكون بصوت، الحقيقة دائما مليئة بصمت، في هذه الحياة ليس للحرف قيمة، في هذه الحياة يصبح الصمت حكمة، يا دنيا يا كبيرة لا تخفي الحقيقة بأن الأصم ليس مثل الجنازة، فبلغة الإشارة تغني الفراشة). أغنية نهاية الفيلم شكلت اختراقا لعالم الصم والبكم الذي يجهله معظمنا، وجعلت الفيلم ينتهي بنهاية تفاؤلية عكس نهايات الدراما الخليجية السوداوية، فأي إنسان قادر على تجاوز العقبات لتحقيق حلمه مثل خالد الأبكم الأصم.