(1) للرحابنة مسرحية وفيها تغني فيروز: (سوى ربينا / سوى مشينا / سوى قضينا ليالينا / معقول الفراق / يمحي أسامينا / ونحنا سوى / سوى ربينا). الذين لم يشاهدوا المسرحية ولم يستمعوا إليها مسجلة على إسطوانات لا يعرفون أنها كانت تغني لعربة الخضار التي تم احتجازها من قبل العسكر وقررت المحكمة التحفظ عليها والاحتفاظ بها! لم تحرق بطلة المسرحية نفسها، لكنها أضاءت الدنيا بغناء يصلح اليوم لاقتراحه نشيدا وطنيا جديدا لتونس، فقد كانت مشكلة البو عزيزي أنه لا يجيد الغناء، مشكلة أوجدت مالم يكن منتظرا من الحلول! (2) كل الفن: حرقة واحتراق، وبعض الحرقة والاحتراق: فن أيضا! (3) البطل الحقيقي والكبير الكبير جدا في الثورة التونسية هو الجيش التونسي، الشهم الحر الملتزم. كان بالإمكان لمثل هذه الثورة الشعبية أن تنطفئ، أن تذبح من الوريد إلى الوريد ثم يتم تزويرها بأبواق إعلامية كثيرة لولا أن قادة الجيش التونسي البواسل التزموا بمبادئهم ورفضوا تحريك دباباتهم لدهس الناس. يحزنني أن لا أحد يريد التحدث عن مثل هذا الدور التاريخي، وأكاد أعتبره أشرف دور عسكري عربي في العصر الحديث لا يوازيه في ذلك سوى حرب 1973. يا لعظمة ذلك التحرك العظيم في حرب أكتوبر، ويا لعظمة هذا اللا تحرك في الجيش التونسي المجيد اليوم! (4) الجميع ردد: إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر وكثيرا ما تردد في الإنترنت البيت التالي بالصياغة التالية: ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر حتى كدت أصدق أن شاعرا مطبوعا مثل أبو القاسم الشابي قد أخطأ وغفل عن التقاط المعنى الدقيق، فمن ذا الذي لا يحب صعود الجبال بمعناها المجازي على الأقل حيث الرفعة والسمو؟! بحثت عن الشابي في ديوانه فلقيته مثلما الظن به، ولقيت المفردة كما يجب أن تكون: (ومن يتهيب صعود الجبال)، فتذكرت أبا تمام ودقته المتناهية في التقاط الألفاظ، وفجأة انتبهت لما يحدث حولي، قلت في خفية باسما: (شوف الناس وين .. وأنت وين؟!) (5) سلاما أبا القاسم الشابي: وقالت لي الأرض لما سألت: أيا أم هل تكرهين البشر؟ أبارك في الناس أهل الطموح ومن يستلذ ركوب الخطر وألعن من لا يماشي الزمان ويقنع بالعيش عيش الحجر هو الكون حي، يحب الحياة ويحتقر الميت، مهما كبر فلا الأفق يحضن ميت الطيور ولا النحل يلثم ميت الزهر ولولا أمومة قلبي الرؤوم لما ضمت الميت تلك الحفر فويل لمن لم تشقه الحيا ة، من لعنة العدم المنتصر