أطباؤنا لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، ولا يمكن أن نعمم ما يصدر من قصور من بعضهم عليهم جميعا، وليس من المنطق أن نتهم جميع أطبائنا بأننا لا نراهم غير مهمومين بالمنصب الإداري الجديد والمال الكثير والتربية والمميزات الناقصة والبدلات المتأخرة وأنهم شرهون للفرص اللامعة. فهذه الاتهامات من الممكن توجيهها لأي نوعية من المهنيين وفي أي وظيفة فنية، فالمهندسون على سبيل المثال من المؤكد أن بعضهم يسعى لأن يرقى ويبلغ مناصب إدارية، ومن الطبيعي أن يكون بعضهم قد ابتعد تماما عن الحياة المهنية الفنية ويعمل في الإدارة بشكل تام وكذلك هذا قد ينطبق على بعض المحاسبين والجيولوجيين والكيميائيين وغيرهم. ولو كانت هذه الاتهامات المعممة في حق الأطباء تحمل أدنى مصداقية لشلت مستشفياتنا العامة، فالبعض لا يعلم ولم ير ماذا يجري فيها من تناحر بين المرضى لينالوا على موعد قد يتوفر بعد عدة شهور. وهنا التهمة لا يجب دائما أن توجه إلى الأطباء فبعضهم لا يجد وقتا لتناول فطوره، القصور الرئيس في نسبة عدد الأطباء لمجموع سكان المملكة، وقد حددت بعض الدراسات السابقة أن أطباءنا لا يتجاوزون 19 في المائة من الأطباء العاملين في القطاع الصحي، ما يعني أننا قد لا نصل إلى الاكتفاء الذي يفتكر البعض أننا وصلنا إليه إلا بعد مرور 50 عاما تحت أقل تقدير، هذا إذا استمر عدد الخريجين الأطباء السنوي كما هو، واستمر معدل نمو سكان المملكة كما هو متوقع. ولا ننسى هنا أيضا الكليات الطبية الجديدة والعجز الكبير الذي تواجهه لتوفير أعضاء هيئة تدريس مؤهلين من الأطباء، وقد لا يكون هذا عجزا بقدر ما هو عقبة حقيقية أمام التوسع والتطور في الكليات الطبية الجديدة ومن يذهب إلى هذه الكليات قد يجدها ممتلئة بأساتذة بعض الدول العربية ومن جامعات الدرجة الثانية مع احترامنا لهذه الجامعات (والمقصود بجامعات الدرجة الثانية جامعات الأقاليم والأرياف للدول المجاورة). أخيرا، لا أجد ما أرد به على اتهام أطبائنا بأنهم عاشوا بيننا غرباء، والتمادي باتهامهم بما يشير أنهم يفتقدون الوطنية فهذه اتهامات في نظري كبيرة، وخطيرة ولا يجب أن تصدر إلا بعد إدانة فاضحة وواضحة وليس من مواطن لمواطن .. والحمد لله على كل حال. [email protected]