يتواجد منذ سنوات في المدينةالمنورة، أشخاص يستخدمون أساليب بدائية تحدد مواقع جريان المياه في باطن الأرض، يلجأ إليهم كل من يرغب الحفر بتثبت للحصول على الماء، يعرف أولئك الأشخاص القادرون على تحديد وجود ماء من عدمه في جوف الارض ب«الصناتة» أي أولئك الذين يتصنتون على الماء ويعرفون مواقع تواجده، بواسطة أصابع حديدية أو عبر طبيعة الأرض ونوعية الجبال. ومن «الصناتين» من يدعي أنه ورث عن أجداده القدرة على التصنت، ومنهم من يدعي أنها فراسة ومقدرة. أدوات البحث يشير الصنات حاسن محسن الرحيلي إلى أنه ومنذ ما يقارب 30 عاما وهو يزاول عملية الصناتة «تعلمت المهنة من أحد الوافدين الذي كان يعمل في منجم مهد الذهب، حيث كنت أرافقه في عمليات بحثه عن الذهب، ومن ثم ذهبت إلى دولة الكويت عند أحد الأشخاص المعروفين بالصناتة هناك وتعلمت منه الكثير في هذا المجال، حيث باستطاعتي معرفة وتحديد موقع الماء وعمقه في باطن الأرض وإن كان الماء حلوا عذبا أو مالحا، وذلك بعلامات واستدلالات أستنتجها من الطبيعة الموجودة». وعن الطريقة التي ينتهجها، قال الرحيلي «استخدام أسياخا حديدية على شكل حرف L وأمسك كل سيخ بيد، وعند مروري إلى موقع فيه مياه جوفية تتماس الأسياخ وذلك دلالة على وجود مياه، بالإضافة الى خبرتي في المنطقة التي أتصنت فيها، مع مراعاة اتجاه الأودية والجبال ونوعية الأرض، بالإضافة إلى الدور الكبير الذي تلعبه الشحنة الكهربائية في جسمي، إذ إن هناك علاقة بين المياه في باطن الأرض وجسم الإنسان». النحاس الأصفر صنات آخر يدعى حامد الحازمي أمضى أكثر من 20 عاما في عمله، يبين طريقة أدائه في الكشف عن الماء في باطن الأرض «أبحث عن الماء بنفسي معتمدا على معرفتي بالمنطقة واتجاه الأودية ونوعية الجبال الموجودة قرب مزرعتي، بالإضافة إلى استخدامي أسياخا من النحاس الأصفر، وقد عثرت على الماء وبكمية كبيرة». وعن الدلائل والمؤشرات التي تدل على وجود المياه، يقول الحازمي «عندما أبحث عن المياه بواسطة الأسياخ وعند مروري بموقع فيه ماء يحصل التقاء بين الأسياخ حيث تصل أحيانا قوة تحرك الأسياخ إلى التسبب بجروح وانتفاخ في باطن اليدين، ومن ثم أحدد اتجاه الأودية ونوع الجبال وبناء عليه أحدد موقع الماء، دون التكهن بنوعية الماء وما مدى عمقه». وبسؤالنا عن الصناتة وهل يستعينون بالجن، أكد الحازمي «نعم، هناك من يستخدم الجن ويستعين بهم لمعرفة مواقع المياه ورأيتهم بعيني ونلاحظ عليهم ذلك أثناء عملية الصناتة». طريقة غير علمية المهندس الجيولوجي مازن المحمدي أكد أن الصناتة ليست طريقة علمية تعتمد على معايير ونتائج واستدلالات بحتة، بقدر ماهي توقعات تحكمها معرفة الأرض، مبينا أن معظم من يتصنت هم من يعرفون المنطقة تماما ويعرفون آبارها وقدر المياه فيها. وعن دور الجسم والدم كما يدعي الصناتون قال المحمدي «نعم للجسم ووزنه وحركته دور وعلاقة بأمور كثيرة». وعن البحث العلمي أو الحديث عن المياه، يقول «هناك بعض العمليات الحديثة في طريقة البحث عن المياه وذلك باستخدام محاليل وأجهزة معينة، وبناء على بعض المعطيات تسجل أرقام بحسب قرب وبعد الماء ولا تعطي نتيجة محددة». أخطاء مكلفة ويؤكد المزارع علي الحبلاني استعانته بالصناتين «حفرت أكثر من 13 بئرا بتكلفة تفوق ال300 ألف ريال، ولم أستفد سوى من بئرين فقط». ويرجع المزارع الحبلاني سبب استعانته بالصناتين إلى قلة المياه في المنطقة وموت المزارع، إضافة إلى عدم وجود بديل. وعن أجرة الصنات أو ما يتقاضاه، يقول الحبلاني: تتراوح أجرة الصناتين من 500 إلى 1500 ريال في الموقع الواحد. المزارع عبد الله الأحمدي يرى أن معظم الصناتين لا يملكون المعرفة ولا القدرة على التكهن بمواقع المياه، وقد تسببوا للبعض بخسائر فادحة نتيجة اجتهاداتهم الخاطئة وادعائهم معرفة مواقع المياه.