يتساءل مواطنون عرب أثملتهم الانتفاضة الشعبية في تونس عن إمكانية تكرار السيناريو الذي أطاح سريعا بنظام يمسك بزمام السلطة في شمال أفريقيا أو دول أخرى. وفي ظل الغضب المكتوم بسبب المعاناة الاقتصادية والقمع السياسي المستشري في العالم العربي، باستثناء بعض الدول الأكثر ثراء أثبتت الأنظمة مرونتها وخبرتها الكبيرة في كبح الضغط من أجل الإصلاح. والعرب الذين يتوقون أن تسمع أصواتهم من بين من يأملون أن يتغير هذا الحال، بينما يرى متشددون تونس مثالا لما ينتظر بعض البلاد العربية في الشمال الأفريقي. وقال زعيم طائفي عراقي إن الشعوب أقوى، مضيفا أن الشعب التونسي طوى صفحة بقوته الذاتية دون احتلال أو تدخل خارجي. ولكن ما من أحد كان يتوقع أن تكون تونس التي تبدو مستقرة ظاهريا وتتمتع برخاء نسبي أول دولة تستعر فيها انتفاضة شعبية. لذا، الحذر مطلوب عند تقدير ما إذا كان سيثبت أن الأنظمة غير الديمقراطية في دول شمال أفريقيا الأخرى. ونجحت الجزائر، حتى الآن، في احتواء احتجاجات عنيفة استمرت أسابيع بسبب البطالة ونقص المساكن والارتفاع الكبير في أسعار الغذاء ويرجع الفضل في ذلك جزئيا لخفض أسعار السكر وزيت الطعام. وتحكمت عدة دول عربية شمال أفريقية أخرى في الأسعار من خلال خفض الضرائب، أو تجميد قرارات خفض الدعم، أو العدول عنها في محاولة لتهدئة الغضب الشعبي الناجم عن مصاعب اقتصادية. وقال سعد جبار وهو محام ومحلل سياسي جزائري يتخذ من لبنان مقرا له أن حكومات الشمال الأفريقي لديها قاعدة نفود أكبر ولكن شعوبها تعاني من نفس المشاكل وبصفة خاصة نقص الوظائف والسكن. وعلل جبار «بالطبع ينبغي أن يكون الجزائريون حذرين لكن الآخرين هي الأهم في هذا الصدد». ووصف وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط فكرة امتداد انتفاضة المنتحرين على غرار ما حدث في تونس لدول أخرى بأنه «كلام فارغ». ولم يتضح الدور الذي لعبه الجيش التونسي في السقوط الأخير للنظام التونسي، ولكنه في النهاية لم يستطع أو لم يرغب في سحق الشعب بوحشية. ويبدو مستبعدا أن تنهار بسهولة أنظمة شمال أفريقية، والمظاهرات وحدها لن تنجح بالضرورة في أماكن أخرى، فقد قمعت قوات الأمن احتجاجات ضخمة في شوارع إيران عقب انتخابات الرئاسة المثيرة للجدل عام 2009. ورغم ذلك يتعين على بعض القادة العرب الأفارقة أن يوازنوا بعناية بين مواصلة تغييب المعارضة، أو بدء عملية إصلاح تدريجية لتفادي حدوث انفجار على غرار ما حدث في تونس. وأفاد خبير شؤون شمال أفريقيا في جامعة أوكسفورد مايكل ويليس بالقول «صحيح أن بعض حكومات الشمال الأفريقي لديها خبرة كبيرة في التعامل مع هذا النوع من الاضطرابات، لكنه، أي انتفاضة تونس، ستجعل المواطنين أقل هيبة للسلطة. إذا تحلت هذه الحكومات العربية الأفريقية بالمنطق ستبدأ الإصلاح». وجزمت مديرة برنامج الشرق الأوسط في معهد كارنيجي للسلام مارينا أوتاواي أن من الصعب تحديد النقطة التي تصل فيها حالة عدم رضا مزمن إلى عصيان مسلح كامل. وأردفت «بالطبع لا يمكن استبعاد ذلك وبصفة خاصة في شمال أفريقيا. حقيقة مغادرة الرئيس في تونس تعطي حافزا لدول أخرى ولكن هذا لا يعني تكرار الأمر.