تشرق الشمس نهارا على مدينة جدة لكنها لا تسطع جيدا لأن هناك بعض الغيوم تشاغب صفاء السماء، وبضع قطرات تتساقط على زجاج السيارات، عندها نتذكر أننا تعودنا صغارا أن نفرح بالمطر، لكن ذكرى سيئة قبل أكثر من عام قضت على هذا الفرح وحولته إلى هلع ينذكر ما ينعاد. تطل غيمة سوداء مهيبة تجعل النهار وكأنه الليل سبحانك ربي ينزل المطر بضعة ساعات بل وأقل وفي لمح البصر تتحول جدة إلى فينيسيا أو لمن لا يعرفها مدينة البندقية!. تبدأ عندها الأمطار لتتحول من غيث تسقى به الأرض إلى سيول غاضبة من تقاعس إنسان أو تقصير منشأة والحديث يطول في ذلك، ولكنها أمطار لا تعرف الكذب ولا يمكن أن تخالف مبادئها فمسارها واحد حتى إن خالفها الإنسان وحاول أن يغير مسارها أو يشتري ذمتها!. عندها لا يمكن أن تحجب الشمس بغربال، فهذه المرة لم تتضرر قويزة وإلا قلنا إنها عشوائية!، بل تضررت أم الخير، والسؤال كيف ذلك هل هو مخطط للبناء أم مسطحات لممارسة الرياضات المائية؟. تبدأ عندها الكلمات التي تمثل الحال المضحك المبكي فبعض سكان جدة يقولون إن أمانة جدة تسعى لرفاهية المواطن لتقدم له عرضا لا ينسى وبعبارة تشجيعية تقول: الآن في جدة أخرج من بيتك بسيارتك وارجع بقارب!!. أو عبارة استبدال نظام ساهر بنظام غاطس لكبح جماح المسرعين!. أما الطبقة الأرستقراطية ففرحت جدا من هذه الأمطار لأنها جعلت كل الوحدات السكنية تطل على البحر!. كل ما سبق من حالات المضحك المبكي لم ابتدعها ولكن الإعلام الجديد كالسيول لا يكذب بل ينقل بالصوت والصورة، يظهر الحقيقة لمن لم يعايشها وعندها لاعذر للمسؤول بعدم العلم بما حصل من آثار السيول. ولكي لا يأخذنا التشاؤم بعيدا، علينا أن نشكر أمين جدة بنزوله للميدان وكان من الحدث قريبا ولعلها تحسب له إن شاء الله في تفادي ما حصل لاحقا والله اسأل أن تعود فرحتنا بالمطر لا أن تكون مصدرا للخطر ولله القضاء والأمر. بسام فتيني مكة المكرمة