اصطف السودانيون الجنوبيون أمس أمام مراكز الاقتراع لليوم الثالث على التوالي للمشاركة في الاستفتاء الذي يرجح أن يفتح الباب أمام إقامة دولة مستقلة لهم في جنوب السودان. ولوحظ أن الناخبين وقفوا في صفوف طويلة منذ الصباح الباكر في انتظار فتح مراكز الاقتراع في الساعة الثامنة صباحا. وكانت مفوضية الاستفتاء أعلنت الاثنين أن نحو 20 في المائة من الناخبين الأربعة ملايين المسجلين للمشاركة في هذا الاستفتاء اقترعوا في اليوم الأول الأحد، وستتواصل عمليات الاقتراع لمدة أسبوع حتى السبت المقبل بسبب وعورة الطرق وغياب المواصلات في المناطق الريفية في ولايات الجنوب العشر. ويأتي هذا الاستفتاء الذي يعطي الجنوبيين حق تقرير المصير في إطار اتفاقية السلام التي وقعت بين الشمال والجنوب عام 2005 والتي وضعت حدا لحرب أهلية طويلة أوقعت مليونين ونصف المليون قتيل منذ الخمسينات. ولا بد من مشاركة 60 في المائة من الناخبين الأربعة ملايين المسجلين في هذا الاستفتاء لاعتماد نتائجه. ومن ناحية أخرى، أوضح مسؤول من جنوب السودان أن الشمال والجنوب سيحسمان أمر منطقة أبيي المتنازع عليها، لكن قبيلة المسيرية العربية تخاطر بإثارة غضب دولة جنوب السودان المستقلة المستقبلية في حال استمرارها في القتال. وتسببت اشتباكات استمرت ثلاثة أيام في أبيي الملتهبة بين المسيرية وجنوبيين في تعكير صفو اليوم الأول من استفتاء على استقلال جنوب السودان الأحد. وقال المسؤول في الحركة الشعبية لتحرير السودان الحاكمة في الجنوب لوكا بيونق إن المسيرية يستغلها بعض أعضاء حزب المؤتمر الوطني الحاكم في شمال السودان وستدفع ثمنا غاليا في نهاية المطاف. وأردف بيونق الذي يشغل منصب وزير شؤون الرئاسة في حكومة الجنوب «حقيقة أنا قلق فعلا بشأن المسيرية لأنه يجرى استغلالهم. ستحل مشكلة أبيي، وغدا ستكون هناك دولة جديدة وسيتحول الوجه السيئ نحوهم». وأضاف «سيأتى وقت تقول فيه حكومة جنوب السودان للمسيرية: لقد صرتم مشكلة حقيقية بالنسبة لنا، وإذا حدث ذلك ستكون أرزاقهم على المحك». وتعتمد قبيلة المسيرية التي تنتمي للشمال على اتفاق قائم منذ فترة طويلة مع التجمعات الجنوبية للتحرك بمواشي القبيلة خلال موسم الجفاف لاستغلال المياه في الجنوب. وكان من المفترض أن يجرى في منطقة أبيي استفتاء لتحديد ما إذا كانت ستنضم إلى الجنوب أم إلى الشمال. ولم يجر الاستفتاء بعدما فشل الجانبان في الاتفاق على من يحق له التصويت، لذا من المرجح أن تسوى قضية أبيي في إطار اتفاق أشمل بعد الاستفتاء حول كيفية فصل الدولتين. واستبعد الرئيس السوداني عمر حسن البشير إمكانية منح الجنوبيين الجنسية المزدوجة في الشمال قائلا إنهم سيعزلون من الوظائف العامة، ما أدى إلى هجرة جماعية من الشمال للجنوب. وأفاد بيونق إن أبناء الجنوب ممن خدموا في الأجهزة الحكومية المدنية في الشمال، سيحصلون على الجنسية تلقائيا من الدولة الجديدة في جنوب السودان.