عجيب هذا الوقت يسرقنا من ذاتنا ورغم ما لدينا من هموم وغموم في الحياة إلا اننا نعيش اللحظة ونتمسك بها ونتألم لفراقها في هذه الأيام، فالعشر الأواخر من رمضان هذا الشهر الكريم لها طابع خاص محفول بالروحانية ومجمل بالمزايا والذكريات.. الا انها تمضي سريعة نكاد لا نشعر بمداها ولكننا نتمسك بآخر ساعة في هذه الليالي العطرة بالإيمان ويا ليت كل ليالينا وأيامنا كشهر رمضان المبارك.. فهذا الشهر ينقلنا الى نوع آخر من العادات.. ومن السلوك ومن كساد المشاعر الى روح التواصل مع الآخرين فيه نحب لغيرنا ما نحب لأنفسنا.. نكمل بالخير أفعالنا ولا نأبه لأي شيء يعكر صفو اجتماعنا وتوحدنا.. انه يخصص أجمل العادات ويرسخها في أجيالنا.. يقربنا أكثر من بعضنا ويزيل رواسب الحقد عن بعضنا.. فهو يأتي كالضيف الحنون المحمل بالخير.. ويمضي بعد ان يجعلنا نعيش أجمل أوقاتنا.. وها هي العشر الأخيرة من شهرنا الطيب الكريم.. شهر الخير والحسنات.. ترحل أيضاً يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة.. تاركة لنا حزناً على أفضل الأيام وأجمل الليالي التي اعادتنا الى ما نحمل من خير نفوسنا.. ويا ليت أيامنا كلها رمضان وشهورنا كلها رمضان. لنكون معاً أناسا آخرين لا نمتلك إلا بياض الصفحات ولا نعيش إلا من أجل الخير التام لمن معنا ولكي نشعر بصغيرنا وكبيرنا وبالطيبين منا وباخواننا الفقراء وبضعفائنا من اليتامى.. لنكون أصحاب نوايا خالصة تضم قلوبنا معاً.. فما أجملك يا شهر الخير والاحسان وما أجمل لياليك.. فهي ليال يحليها الإيمان.. ليال مباركة مبهجة تدخل الى أبوابنا وبيوتنا.. وتوحدنا مع اخواننا المسلمين من كل مكان ومن أي لغة ومن أقرب أرض الى اقصاها.. انها راحلة.. كما جاءت هكذا لتذكرنا فقط ان للوقت ثمن والراحل لا يعود بل يترك للنفس خيراً وافراً وللقلب نوراً دائماً وللعقل الهداية.. وداعاً يا رمضان.. وكل عام وأنتم بخير. [email protected]