استمدت أسماءها من المفردة الحجازية البسيطة، فصمدت رغم مرور الأزمنة وعوامل التعرية، ومع وطأة أولى خطوات القدم للمكان والنظر لمسمياتها يتوارد للذهن بساطة أهل المكان وطيبة قلوبهم. يفوح من أسماء أزقة مكة القديمة عبق الماضي، تلك التي تحمل أسماؤها الطرفة، إذ تستوقف أذن السامع لها لأول وهلة. ويشير الباحث في التراث المكي عبد الله أبكر، إلى أن كثيرا من الأسماء الغريبة للأزقة المكية أضحت اليوم مندثرة، بسبب المشاريع الجديدة وبنسبة كبيرة، كما كثير من الأزقة مرتبطة بمسمياتها؛ فهناك أزقة ربطت بما تحتضنه من أنواع الخضار أو الأعلاف أو بضائع أخرى مثل زقاق البرسيم، الكراث، الصاغة، والكوافي وثمة أسماء سميت بسبب واقعها الجغرافي مثل زقاق (عانقني) سمي بذلك لشدة الضيق الذي يواجه المارة لحد العناق، وزقاق النجس الذي سمي بذلك؛ لأن بعض المتسوقين يقضون فيه حاجتهم، في حين أن هناك أزقة ربطت بسكانها مثل أزقة المغاربة أو البخارية أو الهنود. غرابة أسماء شوارع مكة تتحول بمجرد الحديث عنها بين المهتمين إلى أشبه بنوع من التحدي في سردها وتحديد مواقعها. ويشير الكاتب الصحافي المهتم بالشأن المكي الدكتور شجاع المطرفي إلى أن هناك أسماء لأحياء وشوارع وأزقة في مكةالمكرمة يجب تغيير مسمياتها لعدم موافقة مكانة مكةالمكرمة الدينية، كما أن هناك مسميات تحتاج إلى مراجعة واختيار أسماء متوافقة مع قدسية المكان مثل أسماء الصحابة رضوان الله عليهم والبعض لأسماء أعلام مكة ومن خدموها وأسهموا في تطويرها. ويرجع مراقبون إلى أن أسباب بروز الأسماء الغريبة هو التأخر في تسمية الشوارع وعدم مسابقة الأمانة لامتداد المخططات السكنية بالتسمية والخدمات ومن أشهرها (أبو طبنجة، حارة الفقر، شارع المليون طفل، حي القمامة، مطشش، كوشة، لقيطة. يقول أديب وباحث في التاريخ الشيخ فهد المعطاني الهذلي «إن الحاجة ملحة لإعادة النظر في بعض أسماء طرق مكة بعد أن أصبحت دارجة بين العامة، فجزء منها غريب ويتعارض مع مكانة العاصمة المقدسة كقبلة الدنيا ومهبط الوحي، ومنطلق الرسالة فيما يبدو الإحراج واضحا أمام جموع الحجيج والمعتمرين عند سماعهم الأسماء الغريبة التي تدفعهم للسؤال عن سر تسميتها».