قلت في أكثر من مناسبة وأكثر من مجلس إن الرقيب على بعض الصحف أصبح المؤسسات الخاصة، سواء عبر الإعلان أو الإغراءات والعلاقات التجارية، وهذا النوع من الرقابة له دلالات تتعلق بالأمانة الصحافية والمهنية وأهواء الأشخاص، بدلا من هوى الوطن الذي يهدف للصالح العام. قد يقول قائل إنه ما كان يجدر بك أن تشعر القطاع الخاص أن الإعلان أو شراء الذمم أصبح وسيلة ضغط، فيدركون ذلك وتشيع هذه الطريقة، وهنا أقول إنهم يعرفونها جيدا، وشاعت بينهم، ولم تعد إثما نخفيه حتى لا يعم وينتشر. الرقيب الجديد لا يكترث ولا يخجل ولا يتردد في المجاهرة بالإثم قائلا (إذا استمر النقد سوف نوقف الإعلانات)، ولا تنقصه الجرأة في كسر العين، والعين المكسورة لا تحتاج إلى الكثير من الجرأة لتخجل وتذعن. انقلب الوضع، فها هو معالي وزير الإعلام الوزير الزميل د. عبد العزيز خوجة يوضح في أكثر من مناسبة أن لائحة النشر الإلكتروني لا تصادر حرية أحد في النقد، ويوضح أنه منذ تولى المسؤولية لم يوقف كاتبا واحدا، وها هم بعض المسؤولين في الدولة يرحبون بالنقد الهادف، ويقرون ببعض الأخطاء ويعتذرون عن بعضها ويطالبون الإعلام بتحري الدقة فقط، وإذا وصل للمعلومة الصحيحة فلا بأس من نشرها، أما الرقيب الجديد فإنه لا يقبل نقدا وإن صح، ولا يكترث إن صادر حرية أو أوقف كاتبا أو منع مقالا، بل لعله يفاخر بذلك على أساس مقولة (مالي وأنا حر فيه)؛ لأن من يصل به التمادي حد شراء الذمم يعتقد أن ما فعله بماله حق مكتسب، ويجدر بنا أن لا نلومه طالما أن ثمة من سمح له بشراء ذمته، فهو من أعطاه حق السيطرة عليه إلى درجة أنه قد يطرق عليه الباب فجرا ليقول له: لقد تماديت بالأمس. الرقيب الجديد، رقيب هذه المرحلة، أكثر خطورة على حرية الرأي وأقل إقناعا، فأجندته لا تخدم المصلحة العامة، ولا تراعي مصلحة وطنية أو تهدئة أو منع شوشرة، بل تخدم مصلحة شركة أو تاجر أو بنك أو شركة نقل أو اتصالات، ومن السهل جدا أن تعرف من سلم رقبته ووسيلته الإعلامية للرقيب الجديد ومن هو الرقيب، فقليل من المتابعة لأخطاء القطاع الخاص الفادحة، وكثير من البحث عن النقد الغائب لها، وستعرف المشتري والبائع، أما البضاعة فهي حرية النقد وأمانة المهنة. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة