بلغ العد التنازلي نهايته، ويصوت سكان الجنوب السوداني ابتداء من اليوم في استفتاء تاريخي لتقرير مصيرهم، يتوقع أن يقرروا من خلاله الانفصال عن الشمال لإقامة دولتهم المستقلة. وبعد ست سنوات على توقيع اتفاقية نيروبي في التاسع من يناير (كانون الثاني) 2005م بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان، يبدو أن هذه الفترة الانتقالية التي دامت ست سنوات والتي كان يؤمل منها حسب نص الاتفاقية أن «تجعل الوحدة جاذبة»، فشلت في إقناع الجنوبيين بالبقاء داخل الوحدة السودانية. الرئيس السوداني عمر حسن البشير بالكاد أخفى قناعته بأن الجنوب سينفصل عن الشمال عندما زار جوبا عاصمة الجنوب الثلاثاء الماضي، حيث قال: «نحن مع خياركم. أن اخترتم الانفصال سأحتفل معكم»، مضيفا «على الرغم من أنني على المستوى الشخصي سأكون حزينا إذا اختار الجنوب الانفصال، لكنني سأكون سعيدا لأننا حققنا السلام للسودان بطرفيه». ومع إطلالة موعد الاستفتاء اليوم، الذي سيستمر لمدة أسبوع، وتكرار تصريحات البشير المطمئنة لجهة قبوله النتيجة كيفما جاءت، تراجعت المخاوف لدى المسؤولين الجنوبيين من احتمال تعثر الاستفتاء، وباتت الأنظار متوجهة إلى مرحلة ما بعد إجرائه وكيفية حل المشاكل العالقة بين الطرفين لتمكين الجنوب من استقلاله. قيادي شمالي في الحركة الشعبية لتحرير السودان لم يخف في تصريح مخاوفه من الملفات التي تبقى عالقة بين الشمال والجنوب. واعتبر أن زيارة البشير إلى جوبا خلقت مناخا جيدا يجب أن يستغل لحل المشاكل العالقة مثل المواطنة، الحدود، أبيي، والعلاقات الاقتصادية والسياسية. عن الإعداد للاستفتاء قال مدير عمليات الاستفتاء في الأممالمتحدة دنيس كاديما: «كل شيء جاهز وقد وزعنا المعدات الانتخابية على كل النقاط وما على المفوضية الانتخابية سوى نقلها إلى مكاتب الاقتراع». ولوجستيا، أعلن نائب رئيس مفوضية الاستفتاء شان ريك مطلع الأسبوع أن المفوضية جاهزة بنسبة 100 في المائة، موضحا أن عدد المسجلين بلغ ثلاثة ملايين و930 ألفا في السودان، والشتات بينهم ثلاثة ملايين و754 ألفا في الجنوب السوداني، ولا بد من مشاركة 60 في المائة على الأقل من المسجلين في الاستفتاء لتعتمد نتيجته. ويحظى هذا الاستفتاء باهتمام عالمي واسع، إذ تدفق المراقبون الدوليون من مركز جيمي كارتر، الاتحاد الأوروبي، والجامعة العربية إلى السودان، كما أن الولاياتالمتحدة أرسلت السناتور جون كيري الذي سارع إلى وصف تصريحات الرئيس السوداني بالمشجعة جدا. وأوضح مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية للشؤون الأفريقية جوني كارسون في تصريحات للصحافيين بشأن الاستفتاء قائلا: «إننا نعتقد أنه سيعكس إرادة الشعب، وسيجرى في موعده المحدد بشكل سلمي ومنظم جيدا»