تشرق الشمس لتصافح الرمال الحمراء، وتقبل جبين الوطن، معلنة الرحيل إلى أم رقيبة. سجالات محمومة، تسريبات تتصاعد في الثلاثة الأشهر الأخيرة. حصاد أعوام آن قطافه. ترحل القوافل بهدوء إلى عاصمة المزاين استعدادا لخوض السجال الأقوى. منافسات المزاين أو «الأولمبياد» السنوية تتصاعد حمى الترقب منذ الإعلان الرسمي عن موعد بدء المنافسة، فملاك الإبل مستعدون منذ وقت مبكر والنجاح يرفع أسهم المالك في السوق والإخفاق يخفضها. وتمر الأسابيع الخمسة ثقيلة على ملاك الإبل بين الترقب وعرض إنتاجهم على لجان التحكيم، والاستماع إلى التسريبات التي تنفذ من ثقوب الخيام، والمراقبون الذين يحضرون لإبداء الرأي والمشورة عقب زيارات ميدانية مكثفة للمواقع. وما إن تستريح الإبل عقب وصولها إلى أم رقيبة حتى تنطلق زيارات مكوكية بين الملاك و «مراسيل» يتخصصون في نقل آخر الأخبار، متنقلين من مخيم إلى آخر وكأنهم أشبه بوكالات أنباء تلاحق التطورات. ويرى بعض الملاك أن القنوات الفضائية المتخصصة في الموروث الشعبي أضافت الزيت على النار، وتسببت في احتقانات أججت المنافسة وساقتها إلى دروب سلبية زرعت الفرقة وتسببت في انسحابات. إلا أن فريقا آخر يخالف الرأي السابق ويعتقد أن قنوات الموروث الشعبي المهتمة بالإبل أسهمت في انتشار الثقافة الشعبية وطورت المنافسة بين ملاك الإبل، وأعطت مساحة للمهتمين بإبداء آرائهم وجعلت المنافسة تأخذ مسارا أكثر حماسا وقوة. وتنافس ملاك الإبل على استقطاب القنوات الفضائية ومنتديات الإنترنت، لنقل الأحداث اليومية من مخيماتهم للتعرف أكثر على منتجاتهم من الإبل وتقديم تفاصيل عن أبرز النوق والفحول المشاركة. ويؤيد محمد القحطاني، الذي يرصد سنويا حركة المخيمات، توجه ملاك الإبل، «هي في نهاية المطاف منافسة وتجارة وكل منتج يحتاج إلى التسويق، ووسائل الإعلام الجديدة تحتاج إلى العائد المادي كي تستمر، فما المشكلة إن خصص مالك إبل مبلغا ماليا للظهور على قناة فضائية ليعرض منتجه الذي سيصل إلى أكبر شريحة منهم من سيأتي ليشتري منه». وعلى النقيض يرفض مهدي الدوسري الذي يرى أن القنوات والمنتديات «لا تنظر إلى الحدث بعين الحياد وتميل مع من يدفع أكثر، لذلك كان من المفترض أن تفرق بين الإعلان التجاري وما تعرضه خلال الزيارات الميدانية لمواقع الإبل». ومن يوم الخروج إلى أم رقيبة مرورا بأيام المنافسة والتقرب حتى الليلة الأخيرة يتغنى ملاك الإبل بمفاتن النوق وقوة الفحول وإنتاجها، وتتصاعد الحمى عندما تجمع اللجنة المنظمة الإبل الفائزة دون إعلان المراكز لتدخلها «الشبوك»، استعدادا للحفل الختامي ليحصد ملاك الإبل المميزة مواقع النخبة، وهي الأفضل قبل العشرة الأوائل ليتقاسموا ما يزيد على 50 سيارة فاخرة وجوائز أخرى تشعل الفرح والتحدي.