والعنوان صدر بيت من الشعر عجزه هكذا «فإن الشيخ يهرمه الشتاء»! وجاء هذا البيت ضمن شواهد النحو على أن كان تأتي أحيانا فعلا ماضيا كاملا بمعنى جاء وهي غير كان التي ترفع المبتدأ وتنصب الخبر لأن الثانية فعل ماض ناقص، وقد جاء في القرآن الكريم قوله عز وجل «حتى لا تكون فتنة» أي لا تحصل فتنة، وهذه المقدمة اللغوية لا علاقة لها بما سوف يأتي بعدها، فحديثي سيكون عن الشتاء القارس الذي يجتاح العديد من دول العالم وتصل فيه درجة الحرارة إلى ما دون الصفر المئوي، وقد عشت شخصيا أياما تحت وطأة ذلك الشتاء القارس فحمدت الله على نعمة الحر في بلادنا حتى عندما يشتد خلال شهور الصيف، وحتى عندما ينقطع التيار الكهربائي لمدة ساعات ويصبح الواحد منا غارقا في عرقه، لأنني تخيلت وأنا في لندن أو باريس أن التيار الكهربائي قد انقطع لساعات عن منازل أهلها وأن الواحد منهم قد يتحول بعد ساعة إلى «دجاجة سادي مجمدة» بسبب الصقيع، ولذلك فهم يحسبون لهذه المسألة ألف حساب ويعدون البدائل لتدفئة منازلهم وفنادقهم وأنفسهم ومحلاتهم التجارية في حالة انقطاع التيار الكهربائي عنهم مع أنه نادرا ما يحصل ذلك عندهم، لأن عدم وجود البدائل يعني الموت من شدة البرد، وقد حدثني أخ عربي مقيم في فرنسا أنه كان ذات يوم قادما إلى باريس من مدينة تبعد عن العاصمة الفرنسية نحو ثلثمائة كيلو متر فأراد اختصار الطريق إليها فمر بطريق زراعية وسط الغابة وكان الوقت ليلا وكان معه في السيارة زوجة وطفلته الصغيرة التي تبلغ نحو عام، وفجأة تعطلت السيارة وعجز عن تشغيلها واكتشف في الوقت نفسه أن جواله غير مشحون ولا يمكن له استخدامه لطلب النجدة، وبدأ الموت يزحف عليه وعلى أسرته بسبب البرد الشديد وأصبح جسم الطفلة أزرق وهما يلحفانها بكل ما لديهما من ملابس وأغطية، وأخذا يدعوان الله بقولهما «يا مغيث أغثنا ومرت الثواني والدقائق ثقالا حتى لاحت لهم لحظة الفرج بعد الشدة» عندما قدمت سيارة شاحنة يقودها مزارع من المنطقة فوقف أخونا في وسط الطريق الحالك يشير له بالتوقف غير مبال باحتمال أن يدهسه بسيارته مقدرا أن السائق قد لا يقف له خوفا من اللصوص والعصابات، ولكن السائق توقف لأن الله أرسله لإنقاذهم وأركبهم جميعا بجواره وكتبت لهم بذلك حياة جديدة، ولما سمعت تلك القصة حمدت الله على نعمة الحر والعرق!؟ للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 162 مسافة ثم الرسالة