لم أخطئ في كتابة عنوان مقالي، ولا أقصد بالطبع مقارنة الفول بالرجال، فالأول مأكول والثاني آكل، لكني لاحظت في كثير من مدننا، لوحات وضعها أصحاب المحلات وأربابها، اختلفت أنشطتها، لكنها اتفقت على شيء واحد، هو استعمال كلمة «زمان» للدلالة على جودة ما تقدمه، وبخاصة في مجال المأكولات والمشروبات. فهذا «فول زمان»، وآخر «بليلة زمان»، وثالث «حليب زمان»، وهم يشيرون بذلك إلى أن مثل هذه المأكولات والمشروبات المعروفة منذ زمن، لم تعد في طعمها بل وصنعتها، كما كانت عليه في القديم. لقد تغير الطعم المعاصر للمأكولات والمشروبات، وربما تغير كذلك تذوق البشر. الكبار منا في السن يدركون هذا التغير بالطبع، وباستطاعتهم التفريق بين الطعم الأصيل، والطعم المستحدث، بما آل إليه نتيجة «كيماويات» ومكسبات للطعم، وألوان اصطناعية، كلها تفقد أصالة الطعم، وما أظن هؤلاء يلجأون إلى هذه الإضافات من أجل «تزيين» بضاعتهم لمزيد من الأرباح، على الرغم من أن هذه الإضافات لها أضرار بالغة على الآكلين. أما أجيال الشباب، فللأسف الشديد، قد فقدوا كثيرا من «تذوق» الأطعمة الأصيلة نتيجة الميل إلى المأكولات السريعة المجهزة التي تقدمها المطاعم والمقاهي، مستغلين «الدعاية» المضللة أكثر من اعتمادهم على جودة ما يقدمونه للبشر. والرجال في نظري كأطعمة ومشروبات هذه الأيام، كثيرون منهم لا طعم لهم، ولا لون ولا رائحة، بل ولا شكل على الإطلاق. سلوكيات بعض الرجال قد تغيرت، فنادرا ما نرى في بعض الأجيال المعاصرة تلك الأخلاقيات التي سادت أجيال الآباء والأجداد. وليست السلوكيات والأخلاقيات وحسب، بل تغيرت بعض أشكال الرجال، وتغيرت ملابسهم، وأصبح من الصعب على بعضنا في كثير من الأحيان، وبخاصة في المدن الكبرى، كجدة والرياض والدمام وغيرها، أن تحدد ما إذا كان الشاب الذي أمامك، بل ويحدثك وجها لوجه، سعوديا أم وافدا أجنبيا، بل ربما يصعب أن تحدد عروبته وإسلامه. التغيير سنة الحياة، وهو أمر طبيعي، وربما مرغوب في بعض الأحيان، لكن الانسلاخ عن الهوية، والاقتلاع من الجذور، ونسيان الماضي برمته، أمور غير طبيعية، بل وغير محببة، ومرفوضة دينيا واجتماعيا. أن أركب سيارة بدلا من الناقة نعم، ولكن أن يختلف الناس في نوعي وجنسي وهويتي نتيجة ما أحدثناه من ملابس، وأدوات زينة، وتعديلات في حجم الأنف والشفاه ونحوها، أو الابتعاد عن القيم، فلا، وألف لا. في إطار هذه الموجة العارمة من افتقاد الأصالة في الأشياء وفيما يحيط بنا، وفي إطار عدم التمييز بين الصالح والطالح، الأصيل والخسيس، الكريم واللئيم، أتمنى أن نجد في أنفسنا الجرأة والشجاعة، ونلتزم بأصالة العربي السعودي المسلم، فنحن ما زلنا بخير يوجد بيننا من يتصف بصفات الرجولة الحقة، والتي هنا أنشدها في النهاية، وهي الحلم والإباء والشجاعة والكرم والتحضر المبني على أصوله المنشودة وليس تحضرا افتقد معه المعنى المبني على الثبات. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 177 مسافة ثم الرسالة