سألت الطبيب وقد وصلت حرارتي إلى الأربعين لأول مرة في حياتي.. قلت له: هل هي انفلونزا الخنازير! قال: أعتبره هذيانا مع ارتفاع درجة الحرارة.. قلت: اعتبره ما تشاء، المهم أن في البيت والدتي وصحتها لا تتحمل العدوى، هذا هو المهم! وكنت أرى بيني وبين الأشياء كثافة ضبابية لا تتضح معها الرؤية، ولم أبال إلا بأمي! تضاحك الطبيب وهو يقول: الله يرزقك على قدر نيتك.. قلت له: لا.. أرجوك، على قدر رحمته! وقد وسعت كل شيء! لقد عشنا مخاوف انفلونزا الخنازير، ورأينا وزير صحتنا الغالية وهو يعطي اللقاح لفلذتي كبده، واستشاط العالم كله ذعرا، وصرنا نحسب عدد الوفيات يوميا! ثم ماذا؟! لا أحد يعرف هل زال المرض أم عاد أشرس مما كان، أم أنهم ضحكوا علينا وباعونا اللقاحات والأدوية بباهظ الأثمان، ثم استسلمنا لضحكهم علينا، وتركنا الأيام تمحو ما تشاء من ذاكرة الناس! وأخيرا صار التراجع شائعا بإعلان أن انفلونزا الخنازير هي مثل كل انفلونزا عادية! طيب ليه ما كنتم تقولون هذا من قبل؟! ليس من واجبنا التساؤل، بل نقول سمعا وطاعة، وننتظر لطف الله اللطيف الرحيم، فهل تدخل الأمراض ضمن علاقتنا بالغرب الأجنبي! إذا كنا نخاف الغزو الثقافي ونخاف العسكري ونخاف التغريب والفرنجة والتقليد، هل يدخل المرض أيضا في الدائرة المكهربة، وكلما أرادوا قالوا لنا جاءكم مرض جديد.. حصبة الدود مثلا ثم نهب زرافات ووحدانا بحثا عن التطعيم والدواء الثمين! هل ينبغي أن تظل الشعوب النامية كل الوقت في هذه المنزلة. قبل أشهر فقط، كان يكفي أن يعطس الواقف في طابور كي يفر هاربا كل من في الطابور ويتركوه وحده خوفا من العدوى! وكان منظرا مألوفا أن تسير في المكان العام وتجد الناس حولك كلهم مكممين، وكأن «الكمامة» صارت الزي المتعارف عليه.. تنافس اللثام والعباءة! أين ذهب هذا كله؟ هل هي الصناعة الإعلامية، أم القوى الأجنبية التي إذا أرادت استخدمت كل الأسلحة، بما فيها المرض جعلت منه سلاحا! فأي أمة عظيمة هذه التي تلبس الكمامات لأن أعداءها.. «يتعالجون» من مرض جديد؟! عالم إسلامي وعربي ممتد كثرته تفوق أعداد غيره من أعدائه وجيرانه في الكون، ولا يستطيع أن يكتشف «فيروسا» صغيرا ما لم يسبقه إلى ذلك الذي يسميهم أعداءه.. فهل مكتوب على الجيل الناشئ أن يفقد الأمل في غد هذا حاضره الأليم؟! هل لدينا نقص في العقول المفكرة.. إذا، على ماذا هذه الكثرة وهذا التناسل الشغوف بالمثنى والثلاث والرباع! هل كثرتهم للفرار يوم الزحف، أم لارتداء الكمامات يوم النفير؟! عذرا، هذيان محموم! للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة