تعتبر إسرائيل البلد الوحيد في العالم الذي ينخرط في شبكة علاقات ذات طبيعة غير عادية مع بقية بلدان العالم ومنظماته الإقليمية والدولية. ومن الواضح أن السبب الرئيس في ذلك يتمثل في الطبيعة الشاذة غير العادية لقيام دولة إسرائيل نفسها، وما ترتب على ذلك من إحساس إسرائيل المتزايد بهاجس الوقوع تحت دائرة الخطر، بأن تحقق كابوس زوال إسرائيل من الوجود هو مسألة وقت ليس إلا. وتأسيسا على ذلك فقد أدى الإدراك الإسرائيلي الممتزج بالخوف من المستقبل إلى تزايد استحالة تحقق أية إمكانية لتطبيع العلاقات الإسرائيلية مع العرب، وحتى الدول التي وقعت حكوماتها اتفاقيات سلام وتطبيع مع إسرائيل، فإن شعوبها أصبحت أكثر رفضا وعداء لمجرد فكرة العلاقات الرسمية مع إسرائيل، ناهيك عن الدخول في علاقات عامة مع المجتمع الإسرائيلي. ثم تزايد اتساع دائرة العداء الإقليمي للإسرائيليين. وقد تجاوز هذا العداء أخيرا الدائرة العربية ليشمل المزيد من الدوائر والأطراف الجديدة، ما أدى إلى ظهور: دائرة العداء التركي، دائرة العداء الإيراني، دائرة العداء الآسيوي، ودائرة العداء الأوروبي. وهناك تعاظم محدودية قدرات أمريكا في دعم إسرائيل. وقد برز ذلك واضحا في إدراك الإدارة الأمريكية لمدى عدم إمكانية الاستجابة للمطالب الإسرائيلية، مثل تنفيذ مشروع ضرب إيران، والاستمرار اللا محدود في حرب العراق وأفغانستان، والقضاء على معسكر المقاومة الفلسطينية، إضافة إلى عزل سورية وإرغامها على التنازل عن الجولان، وتوقيع اتفاقية السلام مقابل السلام مع الإسرائيليين. تقول المعلومات والتسريبات إن الإدراك الإسرائيلي لمدى محدودية قدرة الإدارة الأمريكية على انتهاج سياسة خارجية تتطابق وتنسجم مع طموحات جدول أعمال السياسة الخارجية الإسرائيلية، هو إدراك دفع الإسرائيليين ليس إلى القبول والاقتناع في اتجاه تخفيض سقف طموحات جدول الأعمال الإسرائيلي وحسب، وإنما إلى السعي في اتجاه تحقيق المزيد من الاختراقات الإسرائيلية داخل البيئة المؤسسية الأمريكية، بما يتيح استخدام وتوظيف الأيادي الخفية الإسرائيلية في إعادة توجيه مفاعيل السياسة الخارجية الأمريكية حيال تبني وانتهاج جدول أعمال سياسية خارجية أمريكية تلبي طموحات الإسرائيليين.