يرحلنا نتنياهو إلى المجهول.. يرحلنا من الموعود لدينا إلى الموءود لديه.. ويرحل مأزق التفاوض من دهر إلى دهر، ويستبدل النطيحة بالمتردية.. «تأسرلنا».. وتأمركنا، فلا «إبلا وثقنا ولا بكفينا الحصيد روائعا»، ويعود جورج ميتشل، كما أتى، بخفي أوباما. فمنذ أن أفضت بنا خريطة الطريق إلى الهاوية، هناك حلقة مفقودة في تمرحل تعقيد العلاقات المختلفة فى المنطقة حد الإبهام، علاقات الفلسطينيين وإسرائيل، علاقات تل أبيب بواشنطن، علاقات العرب بالولايات المتحدة، علاقات بينية للدول العربية، علاقات الفلسطينيين بالفلسطينيين، علاقات أممية بالأطراف كافة.. متاهة من صفرية العلاقات جميعها من هاوية إلى هاوية. وحتى المجتمع الدولي في تناوله لمأزق المنطقة، يفغر فاه دهشة أمام منزلقين؛ أولهما كيفية التعامل مع ظرفيات إزالة آثار النزاع الدموي وتصويب المتجه العبري حيال الإعمار، والآخر كيفية التعامل مع التأثيرات التي يسببها اللؤم اليميني الإسرائيلي، وخاصة وقف بناء المستوطنات اليهودية. من منظور بنيتها السياسية والأيديولوجية، تصنف إسرائيل ككيان وحيد في هذا الكوكب، ينخرط في نسيج علاقات عرجاء مستقبحة مع بقية بلدان العالم ومنظوماته الإقليمية والدولية، فاتسعت محاور العداء لهذا الكيان العبري. وقد تخطت المناهضة الدائرة العربية لتشمل محاور عدة وأطرافا كانت على وئام مع تل أبيب، فظهر محور العداء التركي، محور العداء الإيراني، محور العداء الآسيوي، ومحور العداء الأوروبي، ثم محاور التقاطع التاريخي. وينسب ذلك إلى الطبيعة الشاذة المجافية للعادية لانبثاق الدولة العبرية نفسها، وما ترتب على هذا الواقع من هواجس تل أبيب المتنامية من الوقوع تحت دائرة الخطر، وأن كابوس زوال المسخ المشوه من الوجود هو مسألة وقت ليس إلا. وتأسيسا على ذلك، أدى هذا الإدراك الإسرائيلي إلى الرهاب من المستقبل. وإن كانت الذهنية السفارديمية أو الأشكنازية السلطوية تدرج احتمالات العودة إلى منطق الحرب، فهي تعي تماما أن الحرب ضد مجتمع، ليست كالحرب على جبهة. هناك ما يعرف بمعركة الحسم في الحروب بين الدول، وينتفي هذا المفهوم هنا، فالمعركة ضد مجتمع لا يمكن أن تكون حاسمة، فضلا عن أن تل أبيب في مرحلة التزين السياسي بعد أسطول الحرية والنقمة العالمية. هناك مناوأة غربية وغريبة عارمة على مساعيها، فما كان متاحا أيام بوش تلاشى آنيا. هناك تناقض حاد بالنسبة لإسرائيل بين التوجه الداخلي المتصاعد نحو مزيد من الفاشية، ومزيد من التوجه الديني انعكاسه حكم اليمين الأيديولوجي في إسرائيل وليس اليمين البراغماتي. وما كان مقبولا عند الصهيونية عندما كانت علمانية، لم يعد مقبولا لدى صهيونية أكثر تدينا. وإن أي حسم، في تقويمهم، من دون القدس، الخليل، ونابلس هو معضلة مستعصية. وعندما شارفت إسرائيل تخوم اتفاقية سلام إبان حكم رئيس حكومة إسرائيل الراحل إسحق رابين، كان ينسب الأمر إلى الحكم الأكثر يسارية في تاريخ الدولة العبرية. أولسنا في متاهة حقيقية؟. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 242 مسافة ثم الرسالة