زهايمر، أقصوصة، وفيلم لا علاقة لهما ببعضهما البعض، كانت الأقصوصة آخر أعمال الراحل الكبير (غازي القصيبي) رحمه الله، قبل كتابه الشيق «الوزير المرافق»، ومن خلال حكاية بسيطة تمحورت حول رسائل قصيرة اتجهت الأقصوصة نحو هدفها مباشرة، وبمباشرة، مما ضيق الأفق كثيرا، للحصول على عمل أدبي رفيع المستوى حقا، ومن الواضح أننا نحتاج إلى بجاحة كبيرة، أو الصبر طويلا إلى حين الالتفات لهذه الأقصوصة برؤية نقدية صالحة، ذلك أننا لم نفق بعد من صدمة الفراق، لكن بعد صدور هذه الأقصوصة بفترة ظهر فيلم سينمائي لا علاقة له بالأقصوصة، هو آخر أفلام «عادل إمام»، في إحدى دور السينما في بيروت، شاهدت الفيلم، ولذلك لزمت الشهادة، بأن عادل إمام لا يزال الرقم الأصعب جماهيريا، فقد امتلأت الصالة، وبالكاد حصلت على مقعد، رغم أن الفيلم يعرض في أكثر من دار عرض، ولفترات ثلاث في كل سينما يوميا، وبالرغم أيضا من وجود فيلم منافس لنجم الكوميديا الرائع «أحمد حلمي»، هو «بلبل حيران»، فما الذي يمكن قوله عن «زهايمر» عادل إمام: فيلم كوميدي، مشغول بشكل جيد، لولا تسطيح في القصة، استوجبته ربما ضرورة الكوميديا، التي حملت اسما مرعبا لمرض شديد القسوة، وذابح على نحو لا رأفة فيه، لكنه ظل اختيارا موفقا لبطله عادل إمام، الذي تخلى مؤقتا عن مؤلف أفلامه الأثير في السنوات الأخيرة «يوسف معاطي»، مانحا الفرصة لاسم جديد هو «نادر صلاح الدين»، أما المخرج فقد سبق لعادل إمام التعامل معه من خلال «السفارة في العمارة»، ويمكن القول إن «عمرو عرفة» نجح نسبيا في أدواته التي استخدمها ببساطة دون رتوش دعائية فارغة، مثل تلك التي أساءت إليه كثيرا في أول أفلامه السينمائية «أفريكانو»، وكانت قيادته للمثلين واضحة الأثر، خاصة على عادل إمام، الذي بدا أقل استهتارا بالمشاهد من أوقات كثيرة سابقة، بالرغم من ذلك، فقد كان مشهدا واحدا ل «سعيد صالح» قادرا على سحب البساط من الجميع، فقد كان أهم ما في الفيلم، وأكثر ما فيه حساسية وألما، وقدرة على جلب التعاطف، المشهد الذي ظهر فيه «سعيد صالح» في ملجأ للعجزة، مصابا بالزهايمر، كان هذا المشهد المتضمن أداء تمثيليا فائق الجودة، شديد الرهافة، ل«سعيد صالح»، أهم ما في الفيلم ولولاه، لقلت كثيرا أحقية الفيلم بالكتابة عنه، خاصة مع غياب أي جديد، يمكن ذكره فيما يخص الممثلين الشباب «نيللي كريم»، و«فتحي عبد الوهاب»، و«أحمد رزق»، رغم أن هذا الأخير كسب نصيبا من الكعكة، وإذا كنت قد ألمحت إلى أن «عادل إمام» كان في واحدة من أفضل حالاته، يكون القول قد انتهى.