كشف موقع «ويكيليكس» عن نحو ربع مليون برقية دبلوماسية أمريكية سارعت كبريات الصحف العالمية إلى نشر أعداد منها، وهي تميط اللثام عن خفايا الاتصالات الدبلوماسية الأمريكية. وسارع البيت الأبيض إلى التنديد بالعمل غير المسؤول والخطير لموقع «ويكيليكس»، معتبرا أن هذه الخطوة يمكن أن تعرض حياة كثيرين للخطر. وما تم الكشف عنه هو عبارة عن ربع مليون برقية دبلوماسية أمريكية سرية، بحسب ما أوردت أمس صحيفة «نيويورك تايمز» التي حصلت على حق الاطلاع على وثائق «ويكيليكس» مع أربع صحف ودوريات عالمية ذائعة الصيت هي: لوموند الفرنسية، جارديان البريطانية، إلباييس الأسبانية، ودير شبيغل الألمانية. وذكرت «نيويورك تايمز» أن هذه البرقيات تقدم صورة غير مسبوقة للمفاوضات الخفية التي تقوم بها السفارات في العالم. و«ويكيليكس»، الذي أكد سابقا أنه تعرض خلال النهار لعملية قرصنة معلوماتية، أوضح على صفحته الإلكترونية أنه شرع الأحد في نشر عدد قياسي من الوثائق بلغ «251 ألفا و287» برقية دبلوماسية تغطي مرحلة تمتد من العام 1966 حتى فبراير (شباط) الماضي. وأوضح الموقع أنه رغب في إبراز «التناقض» بين الموقف الأمريكي الرسمي وما يقال خلف الأبواب الموصدة. وتفضح الوثائق التي نشرها الموقع أمس الأول طريقة التعاطي، التي غالبا ما تبقى سرية للدبلوماسيين الأمريكيين مع عدد من القضايا، حساسة كانت أم لا. وعلى سبيل المثال، كشفت وثيقة نشرتها صحيفة «لوموند» الفرنسية أن إسرائيل أبلغت الولاياتالمتحدة في ديسمبر (كانون الأول) 2009 أن استراتيجيتها للتفاوض مع إيران لن تنجح. وتعرض مراسلة أمريكية محادثة جرت في الأول من ديسمبر (كانون الأول) 2009 بين مدير الشؤون السياسية والعسكرية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد ومساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية إيلين تاوشر. وقال جلعاد إن دبلوماسية الرئيس باراك أوباما التي تنتهج مبدأ التفاوض فكرة جيدة، ولكن من الواضح جدا أنها لن تنجح. وقد تكون بعض الوثائق مربكة بالنسبة للقاءات مستقبلية بين الولاياتالمتحدة وشركائها. وفي هذا الصدد، نقلت مجلة «دير شبيغل» تصريحات غير محببة أطلقها دبلوماسيون أمريكيون إزاء المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، حين قالوا إنها «تخشى المجازفة ونادرا ما تثبت عن مخيلة واسعة». كما أن قادة آخرين نالوا حصتهم من هذه الوثائق الدبلوماسية، إذ ورد في إحداها أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي «نزق وسلطوي»، فيما تصف إحدى البرقيات الدبلوماسية رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو بيرلسكوني بأنه «ضعيف جسديا وسياسيا». واستبقت السلطات الأمريكية عملية النشر عبر اتصالها بأكثر من عشرة بلدان لتنبيهها إلى ضرورة استيعاب أي تداعيات محتملة لنشر هذه الوثائق. ولم تتضمن المعلومات التي كان موقع «ويكيليكس» نشرها حول أفغانستان في يوليو (تموز) الماضي معلومات مهمة، في حين أن البيانات التي كشف عنها والمتعلقة بالعراق، ركزت على تجاوزات ارتكبت بين فصائل عراقية متعددة. وقبل ساعات من نشر موقع «ويكيليكس» هذه المراسلات الدبلوماسية، دافع مدير هذا الموقع جوليان آسانج عن الوثائق السرية الأمريكية التي سينشرها موقعه قائلا: «وفق معلوماتنا، لم يتعرض فرد واحد للخطر بسبب أية معلومة عمدنا إلى نشرها». وأوضحت «نيويورك تايمز» أن البرقيات الدبلوماسية وردتها قبل أسابيع عدة، وأن الوثائق التي قد تعرض أشخاصا للخطر أو تهدد الأمن القومي، لم تنشر، مشيرة إلى أنها عملت مع إدارة الرئيس أوباما حول الموضوع. وفي ذات الصدد، أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أسامة النقلي أن الرياض «غير معنية» بالوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس. وقال في تصريح صحافي أمس إن الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس التي تحدثت عن دعوة المملكة واشنطن إلى مهاجمة إيران لوقف برنامجها النووي «لا تعني المملكة». وأوضح النقلي أن «المملكة لم تلعب أي دور أيضا في نشرها»، في إشارة إلى الوثائق الدبلوماسية الأمريكية التي حصل عليها موقع ويكيليكس ونشرها الأحد عدد من كبريات الصحف العالمية. وأضاف أن المملكة «لا تعلم شيئا عن صحة ما ينشره الموقع وبذلك، لا يمكنها التعليق عليها»، مشيرا إلى أن «سياسة المملكة ومواقفها كانت دائما واضحة».