أعترف، بداية، أن خلف الحربي كاتب له شعبية كبيرة، وكاتب مبدع في أسلوبه، وأنا لا أستطيع أن أجاريه في طريقة كتابته إطلاقا، لأنه ليس من عاداتي ولا من خلقي أن أكون عنصريا أو متطرفا أو إقصائيا أو سبابا أو شتاما، فأهلي، ولله الحمد، ربوني تربية ترفض كل ذلك. وعليه، لن أرد على ما قاله، ولا على الألفاظ والمصطلحات التي لا أعرف ما هو موقعها من إعراب جملة مقال خلف، مثل (أني لا ألبس الغترة والعقال.. الرفيق.. طبال السهرة.. ليبرالي أصولي ويساري إسلامي وحداثي سلفي وحكومي معارض احتباس حراري في (البساتم).. أبوس رجليك.. ليبرالي تجميع أصولي.. إلخ.. إلخ..). وما زلت يا خلف متمسكا بالحوار الفكري، وليس المتطرف ولا العنصري، ومستعدا لمثل هذا المستوى فقط من الحوار، وما زلت أكرر عليك، جوهر مقالي الأول لك، وهو طلبك تطبيق سياسة «تحمير العيون» وإني ما زلت ولا أزال أرفض هذه السياسة جملة وتفصيلا، ولن يقبلها، يا خلف، إلا الذين لا كرامة لهم ولا خلق، والذين يهدرون إنسانيتهم التي كرمها الله سبحانه وتعالى، ولن يقبلها إلا الذين هم مثل تفكيرك، فأنت رائدها، ولهم ما يريدون، ولك ما تريد، ولكن يا خلف ليس بالضرورة أن تفرض رأيك على الآخر، أو أن يقبله الآخر، وليس بالضرورة أن يوافق عليها الكل، ومن يختلف معك تنضح شتما وسبا وتتكلم بلغة باهتة «من تكون؟ وش تعود..؟» هذه لغة أكل الدهر عليها وشرب، لغة لا يقبلها إنسان حر له قيم ومبادئ وأخلاق عالية وهمم وقامات تلامس السحاب، ومن أراد أن يكون معك في سياسة «تحمير العيون» فليكن، فهو الذي يريد أن يهين نفسه ويذلها ويريق كرامته عند أول عين حمراء، وإن أردت هذه السياسة فهي لك. حتى التربية الحديثة ترفض هذا السلوك في المدارس، وعلماء التربية لا يقبلون أن نربي أولادنا على سياسة القمع أو تحمير العيون ورفض الرأي وكبت الحريات. خلف، بإمكانك أن تتراجع عن فعلتك، وتعترف بالخطأ.. لا بأس، سنقبل اعتذارك ونحترم تراجعك، إلا إذا كان هذا «عيبا» في ثقافتك..! واسمح لي يا خلف أن أعلمك شيئا مهما، يبدو أنك كتبت مقالك عني، وأنت متوتر مشحون منفعل، وهذه الآفات كافية لأن تكب الناس على وجوههم، فنصيحتي أن تتأنى وتستخدم العقل في الكتابة وليس التشنج الظاهر في مقالك. وإن كنت لا تعرفني، فأنا أعرفك، ومن ضمن معرفتي بك، أنك لست شيوعيا، فلماذا تناديني بال «الرفيق»؟ فهل نحن رفقاء، أو أنك كنت تقصد بال «الرفيق» هم الإخوة الباكستانيون، الذين ينادون بعضهم بهذه الكلمة؟ إذا كنت تقصد هذا، فلا داعي أن تفسر لي سبب استخدامك لها، لأنها صورة من صور العنصرية التي خرج بها مقالك، وهذه من عيوب التوتر والانفعال والتشنج التي كتبت بها كلماتك، أو...، ربما، أنك لا تعرف معنى كلمة «الرفيق». وأسألك، أخيرا، هل الغترة والعقال هما مقياس الرجولة لديك؟ من علمك هذا، فقد أضر بخلقك ضررا شديدا، وإذا كان هذا هو المقياس.. شاهت الوجوه، ويا فرحة أشباه الرجال. كمال عبد القادر