حين سألت محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد بن سليمان الجاسر عما إذا كانت مؤسسة النقد قد أجرت اختبارا لفحص الجهد في متانة المصارف السعودية وقدرتها على احتواء الأزمات المالية المتلاحقة التي يشهدها العالم لم أكن أعرف أنني سألت سؤالا صعبا إلى درجة أن المحافظ عجز عن الإجابة لمدة جاوزت ال 35 يوما كانت فيها «عكاظ» تكرر نشر سؤالي بصورة يومية في زاوية «سؤال لا يهدأ»، والتي بات بعض أصدقاء يقترحون علي أن أطلب من الصحيفة تغيير اسمها لتصبح (المحافظ لا يجيب). افترضت أن سؤالي صعب ومعقد ومحرج، وقد يحتاج المحافظ إلى عام كامل يتمكن خلاله من تكوين لجان وعقد مؤتمرات واستشارة بيوت الخبرة للتوصل إلى إجابة شافية ووافية لهذا السؤال، افترضت ذلك لأنني لم أكن قادرا على أن أتصور مسؤولا يستشعر مسؤوليته ويعتقد في الوقت نفسه أنه أعلى مستوى وأرفع مكانة من مواطن وجه إليه سؤالا بالنيابة عن كل المواطنين الذين يريدون أن يطمئنوا على مستقبل اقتصادهم الوطني ومتانة مصارفهم الوطنية بعد أن باتت أخبار انهيارات المصارف العالمية تتكرر في ظل استمرار تفاعل الأزمة المالية العالمية. لم أكن أتصور أن مسؤولا هو في نفس الوقت مواطن له مصالحه وحقوقه التي يحرص على التمسك بها ويتناسى أو يتجاهل حقوق ومصالح المواطنين المرتبطة بالجهة التي يتولى قيادتها. لم أكن أتصور أن مسؤولا يدرك تمام الإدراك أن الدولة إنما وضعته على رأس الجهاز الذي يرأسه من أجل خدمة المواطنين وتكريس ثقتهم بمؤسسات الدولة التي ترعى مصالحهم وتتعلق بها شؤون مستقبلهم ثم يهمل القيام بهذا الدور الذي هو مؤتمن عليه. لم أكن أتصور أن مسؤولا يتجاهل أن التوجيهات الملكية الكريمة تؤكد على إلزام كافة الجهات بالرد على ما تطرحه وسائل الإعلام من قضايا تهم المواطنين، ويجيز لنفسه أن يترك سؤالا وجهه مواطن معلقا لمدة تجاوزت ال 35 يوما. لم أكن أتصور أن مسؤولا يجهل أن جاهزيته في الإجابة على سؤال تطرحه وسائل الإعلام هو مؤشر على أدائه يرصد من خلاله المواطنون والمسؤولون مدى كفاءته وكفاءة جهازه في أداء ما هو موكول إليهم من مهمات ومسؤوليات. لم أكن أتصور ذلك كله، فافترضت أن سؤالي سؤال صعب ومعقد وشائك ومحرج لمعالي المحافظ، وأنا على ثقة بأن الصحيفة وقراءها لن يملوا من نشر السؤال حتى لو بقي السؤال ذاته قائما مئات الأيام. نايف آل عقيل