لم يكن متعب بن عبد الله يوما بعيدا عن الحرس الوطني، فقد نشأ وترعرع جنبا إلى جنب هذا الكيان الشامخ بدوره ومهمته الوطنية، إذ ارتبط بقصة عشق كبيرة منذ أن كان صغيرا، فوالده الملك عبد الله كان أول رئيس للحرس الوطني منذ تأسيسه في العام 1382ه. هذا الحب نما في وجدان الأمير متعب وتبلور مع الوقت إلى هدف، فما أن أنهى دراسته حتى قرر ترجمة ذلك التعلق إلى عمل وواقع، فقرر دخول المجال العسكري وابتعث إلى كلية ساندهيرست العسكرية في بريطانيا وتخرج فيها برتبة ملازم. وكون الأمير متعب الابن الثاني لخادم الحرمين الشريفين، نهل من مدرسة والده، فقد بدأت بوادر النبوغ على شخصيته منذ أن كان شابا يافعا، إذ ترأس اللجنة المكلفة بدراسة مناهج كلية الملك خالد العسكرية بعد عام من تخرجه، وهي مهمة ليست بالأمر السهل على شاب في مقتبل العمر، وكانت بوابته التي دخل منها إلى الكلية حيث انتهى به الأمر قائدا لها في العام 1403ه. ارتبط الأمير متعب بمجلس والده، وأصبح القريب من فكر الملك وعقله، وبلور أهدافه إلى واقع ليس في الشأن العسكري أو الداخلي فحسب، بل تجاوز بذلك إلى الشأن السياسي، فهو محنك من الطراز الأول. يمزج الأمير متعب بين صرامة العسكريين، وثقافة العصر في تطوير قطاع أصبح اليوم ركيزة في دعامة الوطن في السلم والحرب لحماية الوطن ومقدراته، وحمل على عاتقه رؤية الملك عبد الله في إحداث نقلة نوعية للحرس الوطني، بتحويله من قوات شبه عسكرية إلى قوات حديثة، في تجهيزها، وتدريبها، وتطويرها، وتأهيلها، فضلا عن كونه فارسا تربى في بيت فارس وورث حب الفروسية لأبنائه، فابنه عبد الله الفارس البطل صاحب الإنجازات والبطولات في سباقات الخيل والفروسية. قال لي بعد الأمر الملكي «الحرس ليس جزءا مني بل هو حياتي كلها»، ولم تكن وصية الملك إلى نجله مجرد كلمات عابرة تلقى، بل إنها حمل ثقيل على عاتق نجله الذي ساعده سنوات طوالا في إدارة دفة الحرس الوطني، وأفنى حياته وكرس وقته وجهده لتطوير هذا الجهاز وتحويل مفاهيمه العسكرية البحتة إلى مدرسة كبيرة، بل أسرة عريقة مترابطة، باتت اليوم رافدا للوطن، تحولت من قطاع عسكري إلى مؤسسة حضارية تساهم في كافة أنشطة المجتمع. ولعل رعايته لمهرجان الجنادرية، التظاهرة الثقافية، الحضارية الأبرز على مستوى المملكة، دليل حي على ما قدمه ويقدمه الحرس الوطني لصالح الوطن والأمة، إذ ساهم في إبراز الوجه المشرق لماضي المملكة وحاضرها ومستقبلها. وعندما يتسنم اليوم المسؤولية في قيادة الحرس فإنما يجني ثمرة إخلاصه وتفانيه في بناء هذا الصرح، ويؤكد أن الوطن حريص على مكافأة المخلصين من أبنائه.وسيؤدي الأمير متعب بن عبدالله، وهو الرجل الثاني الذي دخل إلى مجلس الوزراء هذا العام بعد وزير العمل عادل فقيه، القسم أمام الملك ليحضر بعد ذلك جلسات مجلس الوزراء بوصفه وزير دولة وعضواً في المجلس. فهنيئا للحرس ب «متعب» وهنيئا للوطن بالحرس.