من رحم تجربة مريرة لا تزال فصولها تخيم على إرادة الشاب وليد الغامدي الذي يدرس في كلية الاتصالات في جدة، وقف البارحة راميا وراء ظهره معاناة الماضي، متأملا في غد مشرق يتأتى جراء تجربة جديدة في الحج عبر شراكة (رأسمالية) بين عشرة شبان، بإنشاء مقار للنشاط الحر في المشاعر المقدسة، ويتوقع أن يدر ربحا جيدا وفق دراسة الجدوى للمشروع المتخذ من الرقعة الممتدة بين منى وعرفات مساحة لأعماله. وجاءت الفكرة بعد الممارسات «التطفيشية» على حد وصفهم، التي تفرضها شركات القطاع الخاص على الشباب السعودي وسط رواتب متدنية، وإخلال بالوفاء بالعقود، ومماطلات مالية. ومن أقصى نقطة في مشعر منى، روى الغامدي تجربته الماضية مستعرضا خطته ورفاقه الحالية، بالقول «كنت هنا قبل ثلاثة أعوام وقضيت أيام الحج في جد واجتهاد، حيث كنت موظفا في شركة للحراسات الأمنية لكن الخاتمة كانت سيئة، لم تفِ الشركة بوعودها وعقدها معي، ولم تصرف لي راتبي، لذا توقفت عن المشاركة في عمل موسمي كهذا العمل المرهق، الذي لا أضمن حقوقا فيه وافية». ويضيف «ولكن هذا العام طرح لي زملائي فكرة شراكة عمل في الموسم عبر شراء كميات كبيرة من بطاقات الشحن مسبقة الدفع وكذلك الشواحن المتعددة الأنواع وكل ما يخص الاتصالات، وبهذا يكون عملا حرا وليس مرتبطا بنظام شركة لا تدفع من الراتب ما يعادل المعاناة». ونجحت التجربة السابقة حين أقدموا على المضي في طريقها في العامين الماضيين، وحققوا مردودا ماليا جيدا بعيدا عن بيروقراطية الشركات وتعسفها. وبدأت فكرة تأسيس العمل الجديد من ركن على شاطئ جدة، إذ اجتمع الرفاق، ودفعوا ما بحوزتهم من أموال لوضع حجر زاوية لبناء شركة العمر. وفي البارحة، نصبوا أولى ثلاث خيام في مشروعهم الجديد، بتفاؤل يشابه تفاؤل أكثر من مليوني مسلم يستعدون لأداء المناسك اليوم.