يشعر أفراد المجتمع أن هناك ارتفاعا مستمرا في المستوى العام للأسعار، كما أقرت البيانات الرسمية بقدر من ارتفاع مؤشرات متوسط الأسعار. ومع استمرار التصاعد في حدة الضغوط التضخمية، تواجه الدولة تحديا في كيفية تهدئتها دون المساس بزخم النمو الاقتصادي الناجم عن تنامي الإيرادات النفطية والمصروفات الحكومية، وأنشطة القطاع الخاص واستثماراته. من أهم العوامل التي أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم: ارتفاع أسعار السلع العالمية بصفة عامة، وأسعار النفط والمواد الغذائية بصفة خاصة، فضلا عن عدم استقرار أسعار الصرف العالمية، وخاصة سعر الريال باعتباره رفيقا للدولار أمام العملات الأخرى. وبجانب العوامل الخارجية لارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، هناك مجموعة من الأسباب الداخلية مثل استغلال بعض التجار والصناعيين الارتفاع العالمي في الأسعار لرفع أسعار منتجاتهم، ورفع الملاك للايجارات، وعدم وفاء الشركات العاملة بالتزاماتها وتقديم مخرجات لا تتلاءم مع قيمة المستخلصات التي قدمت لاستيفاء مقابل أعمالهم. وكذلك مثل استلام العمال والموظفين أجور ورواتب تزيد عن قيمة الإنتاجية. ولاشك أن الزيادات التي طالت الأسعار في السوق الداخلية وانخفاض القوة الشرائية الحقيقية أدت فعليا إلى تآكل القيمة الحقيقية للرواتب والأجور، وترافق ذلك مع تزايد أرقام حجم البطالة، الأمر الذي يدل بوضوح تام على المعاناة غير المحدودة لذوي الدخل المحدود بصورة خاصة، حيث ينتشر الشعور بالفقر. ويتطلب علاج أي ضغوط تضخمية توفير قدرا من المواءمة بين الأهداف والسياسات الاقتصادية، وفقا لنوع التضخم، ولهذا تسعى السلطات الاقتصادية إلى استهداف التضخم في الأجلين الطويل والمتوسط، وتحقيق زيادة في الناتج، وخفض معدلات البطالة في الأجل القصير. وتحاول ذلك دون المساس بزخم النمو الاقتصادي الناجم عن تنامي الإيرادات النفطية والمصروفات الحكومية وأنشطة القطاع الخاص. ولكن قبل كل شيء يدرك الجميع أن زيادة الإنتاجية وتحسينها يعد من أنجح السبل للتحكم في التضخم والحفاظ على الاستقرار، لأن زيادة الانتاجية تعطي كل المبررات وتهيء الأسباب لأي زيادة في الأجور والرواتب تمكن الأفراد من مواجهة أي تضخم . ولكن في المقابل لو زادت الأجور والرواتب دون أن يقابلها زيادة ملموسة في الانتاجية، أو زادت أرباح الشركات والمقاولين دون أن يقابلها زياده لانتاج حقيقي، فستكون النتيجة أسوأ من السابق وتزيد الضغوط التضخمية وتستمر حتى لوخفت حدتها في الخارج.