ذهلت وأنا أتجول في متحف دار القرآن الكريم في المدينةالمنورة والتابع لوزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد بالقيمة الأثرية وندرة مقتنيات هذا المتحف من المصاحف القديمة النادرة متعددة الأحجام والأشكال والعمر الزمني وطريقة الكتابة وفنون الخط والتصميم الإعجازي لأشكال وألوان إطارات صفحات المخطوطات القرآنية المرسومة يدويا بزخارف مذهبة وملونة تحكي جهدا عظيما وقدرات خارقة وفنا ودقة تعجز أعلى تقنيات العصر الحديث في فن الطباعة عن تقليده. أما ما أذهلني أكثر أو صدمني فهو عدم إعطاء هذه المقتنيات الثمينة ما تستحقه من طرق الحفظ التي تحقق بقاءها وصيانتها وحفظها من التلف، ناهيك عن عدم الاهتمام بعرضها العرض السليم وإتاحتها للزوار والمهتمين، والدعاية للمتحف كمزار ومقصد يجتذب كل من علم بوجوده. فثمة متاحف ومعارض لمقتنيات لا تقارن مطلقا بندرة وأهمية وقدم مقتنيات هذا المتحف، ومع ذلك يتم الترويج لها في الدول التي تحتضنها بأكثر مما تستحق ويتم استثمارها كمعلم سياحي ومزار يتزاحم الناس لدخوله وتتوافد عليه جحافل الزوار. ما رأيته في متحف القرآن الكريم بالمدينةالمنورة مجرد جهود ذاتية للعاملين في المتحف من أساتذة جامعات ومتخصصين يدركون أهمية ما تحتويه صناديق بدائية يعلوها الزجاج، ويعلمون الطرق الصحيحة لحفظ ما بداخلها ويشعرون بالأهمية التاريخية لما تحتويه من مقتنيات، ويدركون الخطورة التي تكتنف حفظها بهذه الطريقة البدائية، وأنها تتعرض للتلف، لكنهم لا يملكون القرار ولا الاعتماد المالي في تحويل هذا المستودع البدائي إلى متحف يليق بما فيه. هم يدركون أن الإضاءة العادية كفيلة بإتلاف الورق الثمين وأن آفة الخشب و(الأرضة) تهدد محتويات الصناديق الخشبية البدائية، وأن الغبار والعثة تخترق ثغرات صناديق الحفظ الحالية، ويعرفون طرق الرش والتعقيم والتعفير الدوري الذي يجب أن يتم لصيانة هذه التحف النفيسة، لكنهم على ما يبدو دب فيهم اليأس والإحباط فاكتفوا بجهود ذاتية واجتهادات و(فزعات) لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. يحتوي المتحف على أكبر مصحف (حوالي 2 متر طولا ومتر ونصف عرضا) وأصغر خط كتب به مصحف آخر، بحيث أصبح كل جزء من القرآن في صفحة واحدة، ومخطوطات قديمة مصممة بزخارف إعجازية وخطوط غاية في الجمال، ولست هنا لأعدد محتويات صالة بدائية عشوائية، لكنني أجزم أن وزارة الشؤون الإسلامية لا تملك فكرا (متحفيا)، فهي تقدر هذه الثروة ولكن لا تعرف كيف تحافظ عليها أو تستثمرها. www.alehaidib.com للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 262 مسافة ثم الرسالة