معالجة البطالة ضرورة جوهرية تعتلي رأس قائمة الاحتياجات الملحة، ليس من أجل حل مشكلة الشباب الباحثين عن مورد للرزق والذين يعانون من الفقر والحاجة فحسب، وإنما أيضا من أجل الحفاظ على نهضة المجتمع نفسه، فالنهوض بالمجتمع ورسم مستقبله بصورة وضاءة لا يحدث، متى كانت البطالة ترعى فيه وتنهش أجساد أبنائه. خطوة عملية، أدعو الله أن تكون مباركة، تلك التي أعلن الصندوق الخيري عن بدء العمل بها، وهي انطلاق افتتاح ألف بقالة صغيرة، يقوم الصندوق بتمويلها وتسليم إدارة العمل فيها لشباب سعوديين، يكونون في البداية تحت التدريب والإشراف إلى أن تثبت أقدامهم في العمل، فيمكنهم آنذاك الاستقلال بالبقالة لتكون ملكيتها كاملة لهم. هذا المشروع، إن نجح فإنه لن يحل مشكلة آلاف العاطلين فحسب، وإنما أيضا سيخلص البلاد من آلاف الوافدين العاملين في البقالات، فحسب ما ذكره عبد الله العثيم رئيس مجلس إدارة شركة أسواق العثيم، وهي الشركة التي تقدم الدعم الفني والتدريبي للمستفيدين من هذا المشروع، فإن نسبة العاملين الأجانب في البقالات بلغت 85 % من مجمل العاملين. وهي نسبة عالية جدا تؤكد اكتساح الأجانب للأسواق وإمساكهم بعنصر مهم في الجانب الاقتصادي في البلد. إن مثل هذه المشاريع العملية، هو ما نحتاج إليه للقضاء على البطالة، فالشباب بينهم كثيرون يملكون القدرة على العمل الجاد، وعندهم الاستعداد لبذل كثير من وقتهم في إنجاز الأعمال ولديهم إمكانات علمية وقدرات فطرية تؤهلهم للنجاح، وكل ما هم في حاجة إليه، وجود اليد المعينة التي يمكنهم أن يستعينوا بها كي يخطوا الخطوة الأولى. مما يثير الأسى في النفس أن يكون لنا مجتمع تتوفر فيه الثروة، وتتوفر فيه الأعمال، وتتوفر في أفراده القدرات الفطرية والطاقة والمعرفة، لكنه مع هذا كله، يعجز عن توفير عمل ملائم لأبنائه يدفع عنهم شر غائلة البطالة والفقر! في مجتمع عادل وسعيد كالمجتمع الذي تخيله أفلاطون في جمهوريته، لا وجود للبطالة، فهو قضى على البطالة عندما عمد إلى تقسيم الأعمال بين الناس منذ طفولتهم، وفق طبيعتهم وما يتوفر لديهم من المواهب والميول والرغبات، ووجه كلا منهم إلى نوع من التعليم يمكنه من التدريب الجيد على ممارسة العمل المرشح للقيام به. فأفلاطون أدرك منذ ما يزيد على 2400 سنة أن ليس كل امرئ بصالح للقيام بكل عمل، وأن هناك ضرورة إلى توزيع الأعمال بين الناس حسب إمكاناتهم وقدراتهم، وأن اختلاف الأعمال يتطلب تعليما مختلفا. كم نحن في حاجة إلى الاستنارة بهذه الفكرة الأفلاطونية العريقة لنوجه شبابنا ذكورا وإناثا نحو ما يحقق مصلحة العمل. فالطلاب في حاجة منذ السنوات المبكرة للتعليم إلى من يصنفهم بحسب ميولهم وإمكاناتهم الفطرية ويوجههم إلى أنواع التعليم المتفقة مع استعداداتهم الفطرية، ليتمكنوا من العمل بنجاح في المجالات الملائمة لهم. فاكس 4555382-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 160 مسافة ثم الرسالة